حركت مبادرة الرئيس سعد الحريري  المياه الراكدة في الملف الرئاسي وعادت معادلات جديدة تظهر, يأتي في طليعتها " عون أو لا أحد " و " سلة بري".
 
معادلة رئاسية:
 
منذ الفراغ الرئاسي حضرت جميع الكتل النيابية جلسات الإنتخاب بمن فيهم كتلة الرئيس بري ما عدا كتلتي حزب الله والتيار الوطني الحر والمقربين منهم.
كان التغيب مقصودا  لتكريس التعطيل خيارا من خيارين ثانيهما ضمان إنتخاب عون حصرا لتأمين النصاب.
وشارك  حزب الله في التسويق لهذه الفكرة للكثير من الأسباب وتمسك بعدها بالسلة كحل شامل للتسوية في لبنان.
روج الرئيس نبيه بري للتسوية  على أساس السلة الكاملة التي تتضمن رئاسة الجمهورية والحكومة والوزراء والوزارات السيادية وقانون الإنتخابات وغيرها.
وكان بري يقصد منها تسوية رئاسية لتقوية العهد الجديد وعدم عرقلة مسيرته منذ البداية.
أما في حسابات الآخرين فكانت السلة  ذريعة لتمرير الوقت للتسوية الشاملة في المنطقة.
وهنا اختلاف في هدف هذه السلة بين الرئيس بري وحزب الله لكنهما كانا متفقان على ضبط المسار الرئاسي معا على الرغم من تمسك كل طرف منهما بمرشح مختلف.
 
هل عون فعلا ضد السلة:
 
يحارب الجنرال ميشال عون فكرة السلة إعلاميا ويبتزه خصومه بأن السلة هي بنات أفكار حزب الله لتعطيل وصوله للرئاسة وهذا ما ينفيه الحزب دائما من خلال تمسكه الدائم بترشيح عون وتراجع السيد حسن نصر الله في إحدى خطاباته عن فكرة السلة الواحدة.
وعلى رغم محاربة عون للسلة التي يطرحها بري إلا أن معلومات صحافية تفيد بأن عون بدأ بنقاش أفكار مستقبلية تخص العهد الرئاسي كالوزارات والوزراء فقيل أنه وعد بإعطاء حزب القوات اللبنانية وزارة الداخلية في حال وصل إلى بعبدا.
ويشترط عون إضافة للرئاسة ، مناصب مديرية المخابرات وحاكم مصرف لبنان ومدعي عام التمييز والمدعي العام المالي وقائد الجيش.
فهو يطرح سلة تناسب ذوقه ومصلحته السياسية ويحارب سلة الآخرين.
لذلك بق الرئيس نبيه بري البحصة وقال :" انتو ما بتقبلوا إلا بعون وأنا ما بقبل بعون إلا بسلة".
وتحول  الرئيس بري  إلى حجر عثرة أمام طموح عون للوصول إلى حلم الرئاسة وأصبح عون  ملزما بإجتراح حلول للأزمة التي أوقع  نفسه فيها.
 
عون يريد لقاء بري:
 
لذلك يحاول العماد  ميشال عون جاهدا إدخال حزب الله كعنصر مسكن على خط التوتر مع عين التينة.
وعليه يسعى عون إلى لقاء ثلاثي يجمع بينه وبين السيد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري بهدف إيجاد حل جذري للقضية.
بالطبع الرئيس بري يعتبر زيارة السيد نصر الله مقدسة وعون يريد إستغلالها  لإحراج الرئيس فإخراجه فيما السيد حسن لا يريد أن يحرج الرئيس بري بخياراته ولا يريد إزعاج حليفه العوني.
والسؤال المريب هنا هو ما يطلبه عون إضافة للرئاسة فهل سيعبد السيد حسن الطريق لعون للسيطرة على الدولة والعودة إلى أدبيات المارونية السياسية كما كان قبل الطائف؟
وهل سيذهب السيد حسن بطرح رئاسي يزعج  ويستفز أكثرية اللبنانيين وخصوصا السنة؟
فميشال عون لا يمتلك غطاء شعبي وطني من كل الطوائف وتشكل ممارساته مصدر إستفزاز كبير للعديد من اللبنانيين.
والرئيس بري يعتبر أن إذا :" عون آدمي فما بيعني إنو نحكموا برقبتنا"، لذلك يحرص على إستيعاب عون ضمن السلة وحزب الله يتفهم ذلك على رغم الرسائل الإعلامية التي يوجهها لبري بين حين وآخر.
 
البطريرك الراعي:
 
قضية السلة تفاعلت أيضا بين بكركي وعين التينة ولم يخل كلام الراعي من كلام بالمباشر موجه للرئيس بري.
والبطريرك الراعي الذي رفع وتبنى شعار الشراكة والمحبة يدرك جيدا حرص الرئيس بري في هذا المجال ويعرف أن للرئيس بري ثلاث أقانيم يجلهم ويحترمهم في لبنان هي  موقع البطريرك والمؤسسة العسكرية والوحدة الوطنية.
ولا تهدف مساعي عين التينة إلى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية بل إلى تقوية الشراكة الوطنية.
ولا يمكن نسيان أن بكركي لطالما لعبت وتلعب دور وطني وهي التي أعطي لها مجد لبنان وهي لكل اللبنانيين وبري يتصرف معها على هذا الأساس من منطلق عدم وقوع فراغ بالمستقبل على المستوى الوزاري والاداري فليس المهم أن يكون عون رئيسا وحاكما والبلد قابع في فراغ من نوع آخر.
 
فرصة للبنانيين:
 
فلتتفق الأطراف اللبنانية على إنتخاب رئيس خصوصا أن السعودية غير مهتمة حاليا بالملف الرئاسي و "دايرة ظهرها" ولتترك اللعبة للديمقراطية أن تحكم وتقدم حلول قبل أن تتعقد الأمور وتؤجل لتسوية شاملة في المنطقة فهناك من يقول أن الإيراني لا يبيع بالمجان في أي ملف بالمنطقة وأن السعودية تعيد صياغة خارطة نفوذها إنطلاقا من لبنان.

 
بقلم رئيس التحرير هلال رميتي