وإن بدا الرئيس سعد الحريري وكأنه نجم الساحة الداخلية بسعيه لاختراق جدار الملف الرئاسي من خلال جولته على معظم القوى الفاعلة والتي اتخذت الطابع الاستشاري دون أن تلامس حدود المستوى التقريري  ما يعني أنه لم يحمل في جعبته اي مبادرة لتسويقها رغم الأجواء التفاؤلية التي سادت أوساط عديدة ومنها أوساط التيار الوطني الحر التي استوحت من هذه الجولة وكأنها محاولة من الحريري لتسويق خيار انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية كمعبر إلزامي لإنهاء الفراغ الرئاسي بعدما سقطت خيارات ورهانات سابقة حاول اعتمادها وآخر محاولة تجسدت في ترشيح النائب سليمان فرنجية قبل نحو عشرة أشهر لرئاسة الجمهورية. 
إلا أن هذه الأجواء التفاؤلية التي سادت بإمكانية انتخاب عون غير مبنية على معطيات ثابتة وجدية. إذ أن هناك عقبات كبيرة وعديدة تحول دون التوصل إلى تفاهم بين القوى السياسية والحزبية لانتخابه رئيسا للجمهورية  وهي عقبات أكبر بكثير من إمكانية الحريري على تذليلها لا سيما  أن الأخير يعاني من مشاكل خاصة على المستوى المالي المأزوم وعلى مستوى شعبيته التي أخذت بالتراجع على خلفية انشقاقات حصلت بين قيادات فاعلة داخل التيار الأزرق وبالتالي على مستوى علاقته المتردية مع جهات نافذة في المملكة العربية السعودية  مما انعكس ذلك بشكل مباشر على تركيبة التيار ومراكزه التي تم إغلاق العشرات منها وعلى عناصره حيث تم الاستغناء عن الآلاف منهم بسبب سوء الوضع المالي والعجز عن دفع رواتبهم ومستحقاتهم والمصاريف اليومية المطلوبة. 
في المعلومات فإنه حتى ولو تبنى الرئيس الحريري بنهاية مشاوراته ترشيح العماد ميشال عون  فهناك مرجعيات سياسية تعارض بشدة اعتلائه سدة الرئاسة. 
وتتحدث أوساط سياسية عن ملامح قيام تحالف يضم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ومعهما رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية إضافة إلى شخصيات مسيحية فاعلة ولها امتدادات شعبية منهم الوزير بطرس حرب وكذلك تتحدث هذه الأوساط عن انضمام شخصيات سنية لهذا التحالف قد تعلن افتراقها عن الرئيس سعد الحريري كرد على خياره بترشيح عون ولا يستبعد أن يكون الوزير أشرف ريفي من بينهم وحتى بعض النواب من كتلته وذلك لمناهضة أي خيار داعم لترشيح عون. 
على أن الموقف الحاسم والغامض في هذه المعمعة السياسية هو موقف حزب الله. 
وهذا  يستدعي تساؤلا كبيرا : هل ان حزب الله فعلا  يسعى بشكل جدي لإيصال عون إلى قصر بعبدا؟ 
ام أنه يعتمد أساليب المناورة والمراوغة باصراره على ترشيح عون دون غيره لاطالة أمد الفراغ الرئاسي وما يترتب  على هذا الفراغ من تعطيل لمؤسسات الدولة.
 هل يستطيع الحزب الإستفادة من هذا التعطيل لفرض خياراته وسياسته والاحتفاظ بسلاحه دون أي اعتراضات هو بغنى عنها؟ 
حزب الله حتى اللحظة يلتزم الصمت من جولة الحريري وحتى لو أفصح عن رأيه فإن الجواب يأتي مغلفا بالكثير من الغموض والابهام لا سيما أنه يجيد فن قلب الحقائق إلا أن التجارب مع حزب الله تؤشر إلى أن ارتباطه بالمشروع الإيراني في المنطقة يحجر عليه إتخاذ قرار داخلي على مستوى الانتخابات الرئاسية بمعزل عن التوجهات الإيرانية القابضة على الملف الرئاسي لاستخدامه كورقة للمساومة عندما يحين زمن التسويات في المنطقة. 
ومن ثم فإن حركة الحريري الاستشارية ليست واضحة ما إذا كانت تحظى بدعم عربي وخصوصا من المملكة العربية السعودية إذ أن الرياض وإن لم تسع يوما إلى فرض خياراتها على الساحة الداخلية اللبنانية لكنها تبقي  البوابة مفتوحة  لكل رئيس لبناني  وإذا سدت نوافذها فإن الرئيس اي رئيس سيجد نفسه محرجا ومحاصرا ومعه البلد كله. ومعلوم ان المملكة تعارض رئاسة عون بشدة 
وإذا كان بامكان الرئيس سعد الحريري تحريك الساحة الداخلية الراكدة لكنه من الصعوبة بمكان السير بخياره في الملف الرئاسي حتى النهاية واختراق جدار المعترضين على وصول عون إلى قصر بعبدا.
 وعليه فإن حركته تبقى بلا بركة  وقد لا تفضي إلى فرض وقائع يمكن أن يتم التأسيس عليها لكن يصبح بإمكانه رفع الصوت  "اللهم أشهد إني قد بلغت "