رغم اشتعال الأوضاع في المنطقة وانشغال الجهات الدولية والإقليمية بالتطورات في سوريا والعراق وليبيا وتركيا وملفات الإرهاب واللاجئين، فإن الوضع اللبناني لا يزال محط اهتمام الجهات الدبلوماسية الدولية والعربية والإسلامية. ويشهد لبنان بين فترة وأخرى زيارات لمسؤولين دوليين وعرب، وتنشط البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية في التواصل مع المسؤولين اللبنانيين، إن كان بهدف الاطلاع على التطورات الجارية، أو لتقديم بعض النصائح لهؤلاء المسؤولين في الملفات العالقة، ولا سيما كيفية معالجة الأزمات المختلفة أو من أجل تبريد الأجواء السياسية وحماية الاستقرار الأمني.

فما هي أبرز اهتمامات البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية في لبنان؟ وما أبرز النصائح والأفكار التي يقترحها المسؤولون الغربيون أو العرب الدبلوماسيون الناشطون في لبنان للمسؤولين اللبنانيين؟

اهتمامات الدبلوماسيين

بداية ما هي أبرز اهتمامات الدبلوماسيين الغربيين والعرب الناشطين في لبنان في هذه المرحلة؟ وعلى ماذا يركز المسؤولون الأجانب والعرب الذين يزورن لبنان حالياً؟

من خلال الاطلاع على بعض أجواء اللقاءات الدبلوماسية وزيارات المسؤولين الغربيين والعرب للبنان، يمكن الإشارة إلى ان أهم القضايا التي تطرح في هذه اللقاءات أو خلال هذه الزيارات:

أولاً: الاستقرار الأمني وكيفية حمايته ودعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، فالأوضاع الأمنية تعتبر أولوية الاهتمامات لدى معظم المسؤولين الذين يزورون لبنان أو البعثات الدبلوماسية الناشطة في بيروت، فمواجهة الإرهاب وتقديم المساعدات للجيش والأجهزة الأمنية والتعاون في تبادل المعلومات حول المجموعات المتطرفة تشكل أولى الأولويات، لأن حماية الاستقرار الأمني ومنع انتقال المجموعات المتطرفة إلى دول أخرى، في مقدمة الاهتمامات، وتحظى الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية بإشادات دائمة للانجازات التي تحققها في هذه المعركة.

ثانياً: ملف اللاجئين في لبنان، ولا سيما اللاجئون السوريون، حيث تسعى معظم الدول الأوروبية والغربية إلى بحث هذا الملف وكيفية معالجته ولمنع انتقال اللاجئين إلى هذه الدول، ورغم بعض التقديمات التي تقدمها هذه الدول للبنان لدعم ملف اللاجئين، فإن هذه المساعدات ليست بالمستوى المطلوب، وهناك خوف دائم لدى المسؤولين اللبنانيين من ان يكون هدف الدول الغربية إبقاء اللاجئين في لبنان.

ثالثاً: الأزمة السياسية وكيفية إحداث خرق في هذه الأزمة، فمعظم المسؤولين العرب والأجانب والبعثات الدبلوماسية يتابعون باهتمام الأزمة السياسية الرئاسية ويبدون تخوفهما من المخاطر القادمة إلى لبنان إن لم تعالج هذه الأزمة. ويستمع الدبلوماسيون والزوار إلى مختلف الآراء ولكنهم لا يقدمون أفكاراً أو حلولاً للأزمة لأن معظم هؤلاء غير قادرين على تقديم حلول عملية بعد فشل الاقتراحات السابقة، ولا سيما ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الذي حظي بدعم دبلوماسي غربي وعربي، لكنه لم يحدث الخرق المتوقع حسبما يقول دبلوماسيون مطلعون على أجواء الاتصالات السابقة.

أمنيات ونصائح

لكن اللافت في اللقاءات مع الدبلوماسيين العرب والغربيين، أو من خلال الاطلاع على تقارير الزوار العرب والأجانب للبنان، ان معظم هؤلاء يقدمون بعض النصائح والأمنيات للبنانيين أكثر مما يقدمون أفكاراً وحلولاً عملية، فما هي أبرز هذه الأمنيات والنصائح؟

ينصح الزوار العرب والأجانب أو الدبلوماسيون العاملون في بيروت المسؤولين اللبنانيين بالإسراع بحل مشاكلهم السياسية الداخلية وعدم انتظار الترياق من الخارج، لأن الجهات الدولية والإقليمية مشغولة هذه الأيام بملفات ساخنة تتقدم على الملف اللبناني، فأميركا تنتظر اليوم نتائج الانتخابات الرئاسية ولا أحد يعرف ماذا ستحمل هذه الانتخابات من نتائج وما هي انعكاسات هذه الانتخابات على الأوضاع الدولية والإقليمية.

أما الأوضاع في المنطقة، ولا سيما في العراق وسوريا، فهي إلى المزيد من التأزم والتوتر بعد فشل التسويات، وفي ظل اشتداد المعارك واحتمال انتقال تداعيات ما يجري في هذين البلدين على الأوضاع اللبنانية والخوف من حصول المزيد من التوترات والأحداث الأمنية.

وفي ضوء هذه المعطيات، يركز الدبلوماسيون الغربيون والعرب جهودهم على الأوضاع الأمنية وكيفية العمل لدعم الأجهزة العسكرية والأمنية أو التعاون مع هذه الأجهزة والاستفادة من انجازاتها في مواجهة شبكات التطرف.

كذلك تهتم العديد من السفارات الغربية بمتابعة الأنشطة التي تواجه التطرف والعنف الديني، وتقدم كل أشكال الدعم للمؤسسات العاملة في هذا المجال، باعتبار ان هذه القضية من الأولويات اليوم لدى الدول الأوروبية والغربية.

وفي الختام, يأمل الدبلوماسيون الغربيون والعرب ان ينجح اللبنانيون بتجاوز مشاكلهم والوصول إلى تسويات سياسية, لأن هذا هو الحل الوحيد لحماية لبنان واستقراره في ظل الأمواج الهائجة والعواصف الكبيرة التي تهب على دول المنطقة.

 

 

 مجلة الامان