وصل اليأس السياسي عند الرئيس سعد الحريري  , بسبب فشله الدبلوماسي والمالي  الذي تعامل معه  بكثير من الثقة العشوائية بوعود إقليمية مشروطة بثبات الحريري على موقف ما , ولكن لم يستطع الرئيس سعد أن يثبت على موقف واحد لا  حول القضايا اللبنانية الداخلية ,  ولا حول القضايا الاقليمية , أما في الداخل فلم يستطع التمسك بحلفاء المسيرة  , وعلى رأسهم سمير جعجع , والوزير أشرف ريفي , وقبلهم زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط , كما تمسك غيرُه من أخصامه السياسيين بحلفائهم , وثبتوا على مواقفهم , وأما على مستوى القضايا الاقليمية والدولية فلم نعثر له على موقف ثابت منذ أن ذهب إلى دمشق وكان السحور الرمضاني الاشهر بينه وبين الرئيس بشار الاسد , مرورا بتصريحاته عن بعض القيادات السعودية أمام المحكمة الدولية , وصولا إلى ترشيح سليمان فرنجية ,  وموقفه من أشرف ريفي , وحتى من الوزير المشنوق في بعض تصريحاته , والآن محاولته الوصول إلى رئاسة الحكومة بقبول ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية , فضلا عن الكثير من التناقضات في علاقته بحزب الله  , التناقض البارز ما زال مستمرا , بحوارٍ ومن ثم بتصريحاتٍ نارية ضد حزب الله وإيران ,  كل هذا أدى إلى   إنفجار الرؤية السياسية الحريرية , وهذا يعني بالسياسة  أن الرئيس سعد الحريري يطلق النار على نفسه وليس على أخصامه , محاولا الانتحار السياسي , لولا منع الرئيس نبيه بري لهذا الانتحار الذي قد يؤدي  , ليس فقط بإزهاق الحياة السياسية للرئيس سعد , بل قد تؤدي هذه الخطوة إلى الضرر السياسي  بكل مَن وقف بوجه ميشال عون في السابق وفي الحاضر وفي المستقبل .

الرئيس سعد الحريري , يريد رئاسة الحكومة , حتى على أنقاض ونقض الثوابت , وضرب الرؤية السياسية بكاملها , وهذا سيؤدي بالتأكيد إلى إنشطار الكتلة النيابية لتيار المستقبل , كما حصل في طرابلس مع الوزير أشرف ريفي  , حيث أكدت التجربة تلك  عدم القراءة السياسية الصحيحة عند الرئيس سعد الحريري , وظهر بوضوح أن لا مشروع سياسي عنده , بل كل ما لديه هو الوصول إلى رئاسة الحكومة , فقط لا غير .

لكن , ثمة صمام أمان سياسي يترقب من عين التينة , ويرى بوضوح خطورة الخطوات السياسية للشيخ سعد , ويعتبرها بمثابة إنتحار بلا ثمن , ووفاء من الرئيس نبيه بري , للأب الشيخ رفيق الحريري , يحاول منع هذا الانتحار بلقاء اليوم , أو التخفيف من آثار هذا الانتحار الذي قد يكون لا بد منه , وخاصة أن المعلومات تقول أن السعودية قد تخلّت نهائيا عن قضايا لبنان , وهذا ما جاء به الوزير وائل أبو فاعور بالأمس بعد زيارته للسعودية .