لم يكن من خيار سياسي أمام زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري إلا العودة إلى بيروت ليمارس، كما يقول قيادي في «التيار»، دوره القيادي في بلورة الموقف من الاستحقاق الرئاسي، في ظل استمرار الشغور في سدة الرئاسة الأولى، باعتباره الأقدر على إخراج كتلته النيابية وشارعه من القلق والضياع اللذين يغرقان فيهما من جراء كثرة الاجتهادات حول الخيارات الرئاسية، ما أوجد حالة من التباين تظهر حيناً إلى العلن وتتراجع أحياناً تحت تأثير الموقف الموحد للكتلة الذي يصدر في نهاية اجتماعاتها الدورية.

ويؤكد القيادي نفسه أن كتلة «المستقبل» والشارع المؤيد للرئيس الحريري يقفان إلى جانبه للذهاب إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه. وهذا يتطلب وقف الاجتهادات ليكون في مقدوره القيام بحوارات تتجاوز «أهل البيت» إلى حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط والنواب المستقلين المنتمين إلى «قوى 14 آذار» إضافة إلى حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» وأيضاً زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي كان تبنى ترشحه لرئاسة الجمهورية.

للالتفاف حول الحريري
ويلفت القيادي عينه، إلى أن هناك ضرورة للالتفاف حول الرئيس الحريري ليكون في الموقع الذي يسمح له بالتفاوض في الاستحقاق الرئاسي من دون أن يسأل عما يدور من تباين سواء في داخل كتلته أو بين مقربيه، ويقول إنه لم يعد مسموحاً بأن يبقي جمهور «المستقبل» في مهب الريح.

ولا يربط القيادي هذا بين توقيت عودة الرئيس الحريري ليل أول من أمس إلى بيروت وبين الدعوة الخامسة والأربعين التي وجهها الرئيس بري للنواب لحضور جلسة انتخاب الرئيس بعد غد، ويعزو السبب إلى أن المواقف من الاستحقاق الرئاسي على حالها وأن هناك صعوبة في إحداث خرق من شأنه أن يضعه على نار حامية، وبالتالي يحدث مفاجأة، خلافاً للدعوات السابقة إلى جلسات تعذر انعقادها بسبب عدم تأمين النصاب القانوني لالتئام الهيئة العامة في البرلمان.

لكن وجود الحريري في بيروت بحسب مصادر سياسية سيؤدي إلى تزخيم المشاورات في ظل انعدام الأفق السياسي أمام تغليب خيار رئاسي على آخر، علماً أن الاجتماع الأخير لكتلة «المستقبل» في غياب الحريري أعاد تأكيد دعم ترشيح فرنجية. إلا أن أي انعكاس لهذا الأمر على جلسة 28 الجاري غير متوقع، فالكتل النيابية لم تعلن حال الاستنفار وتبادر إلى استدعاء نوابها في الخارج لتأمين النصاب لانعقادها، وإلا لكان نائب رئيس البرلمان فريد مكاري وعضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة عادا على وجه السرعة إلى بيروت بعدما التقيا الحريري في باريس قبيل مغادرته إلى لبنان.

كما أن حضور الحريري ضرورة لتجاوز حالة التشتت السياسي بين أعضاء كتلته من جهة، ولاسترداد جمهوره الذي يمر حالياً في ضياع وقلق، خصوصاً أن هذا الجمهور عرضة لاشاعة من هنا وأخرى من هناك، وينتظر الجواب اليقين من زعيم «المستقبل».

ناهيك عن أن جهات سياسية تتقصد من حين لآخر استغلال التواصل الذي يحصل بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل وبين نادر الحريري مدير مكتب الرئيس الحريري، ومن ذلك لقاء باريس، والتعامل معه على أنه يشكل خطوة متقدمة على طريق استعداد «المستقبل» للبحث في عدة خيارات سياسية تتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية.

 


الحياة