مرَش - سُكرِية - فناجين كأنها مطرزة بنصف إتقانعلها قديمة مخبأة لهكذا مناسبة - أطباق حلوى كثيرة "مقُرُود، بَقْلاوة، غِريبِية، قْطايف ووو..." والصينية النحاسية الأصيلة تحتفي بكل الأشياء الموجودة بها، و ثمة عطر ماء الورد وماء الزهر تفشي بأسرار المكان . ثمة رائحة الحنة على أيادي الجدات وأخرى مخبأة تحت مناديل رؤوسهن، ثمة صوت لملابس جميلة وثمة ضجيج أصوات نسوة تتحدث عن كل شيء وتعلق على كل شيء . ...هي امرأة قدمت من بعيد مبتسمة تتمايل على مسمع أغنية المَالوف "نجمة... يا نجمة... ما بْقَالِي في اللٌوم ِعْلِيكْ". تتحرك بصعوبة هذه المرأة أرهق جسمها الممتلئ "القَطِيَفة" عليها – حَرج فرخ الطاوُوس - وأثقل يديها هول ما تلبسه من ذهب "المِقَايَس، الفَرْدَة، الخَواتْم" وتربط وسطها بـ"المْحَزْمَة" التي أصبحت محور حديث النسوة هنا، وذلك "السْخَاب" في رقبتها يكاد أن يكون بطولها وينتهي بيد كبيرة "الخُومْسَة" حتى يحميها من العين حسب ظنهن، وهي تتأرجح يميناً شمالاً تهز بشعرها أيضاً، تحرك يديها في تناسق غريب يميناً يساراً، تقترب فتجلس بمحاذاة دهشتي، تتكلم بأناقة ورتابة، سمعت النسوة يهمسون أنها من الحي الراقي هنا المخملي حسبهم "المنظر الجميل "belle vue". النسوة لا زلن يترقصن، يتمايلن، يتسامرن، يقصصن حكايات مضاجعهن ويتكلمن أكثر في آذان بعضهن بعض... لا يوددن إسماعي فأنا صغيرة حسبهم رغم أني صرت بحجم أجسادهم وعمري أربعة عشر سنة . جمال تلك المرأة أدهشني... قالوا أنها معلمة لغة فرنسية... وأنا أعشق هذه اللغة . اقتربَتْ من جو - الصَينِية -، فسألتها أحداهن تبدو من أهل العرس : أتودين قهوة؟ أجابت : "يْعَيْشَك حْبيبِتِي... قهوتكم المليحة وحجرة سكر ونصف وعَطر يهَالِي بماء الزهر يَخِي يقولوا يْدِيرْ الزْهَر ...." وتضحك بروية وكأنها لا تود لهواء فهمها أن يتخضب بهواء القاعة . تمسك بالفنجان وترتشف قهوتها وترتشف أعينا تحدق بها، ورائحة القهوة أصبحت عطرها الخاص ...يا صاح للقهوة مزاجها كرجل وهذه المرأة هي مزاج القهوة الآن .