أولاً: تعليقات الحقد والشتائم..
ينبري عدد من المعلقين "والمعلكين" على كتابات ونشاطات الفئة المعارضة لأهل الحكم والسياسة في لبنان، والمؤيدين لثورات الربيع العربي، وعلى رأسها الثورة السورية المضرجة بدماء الأبرياء، على كيل اتهامات العمالة والخيانة والصهينة والامركة، مضافاً إليها أخيرا السعودة، وهذا كله مقبول ومعقول، لكنهم ، وعلى الأغلب لا يقرأون ولا يفقهون ما كُتب، فيندفعون بسيلٍ من الشتائم والبذاءات بكلامٍ نابٍ لا يقبله عقل، ولا يُقرُّ به دين، ولا عُرف ولا خُلق ولا مروءة، وأغلبهم لا يُحسنُ القراءة فضلا عن الكتابة، فاختلاف الرأي والعقيدة موجودٌ منذ بدء الخليقة. أفلا يدّعي قسمٌ كبير منكم خلافاً جوهريا مع صحابة الرسول "ص" يصل إلى حدّ تكفيرهم وجواز لعنهم والبراءة منهم، إذ خانوا الرسول ورسالته وطمسوا وصيّته؟ أفلا يطعنُ البعض، أقول البعض، على الرسول المعصوم مُواربةً أنّه لم يُحسن اختيار صحابته وبعض نسوته، وتخالفون في ذلك جموع الأمة الإسلامية؟ وبدورنا، أفلا يحقّ لنا مخالفة أولي الأمر اليوم وتوجيه النقد البنّاء، والنُصح المرتجى، وقول كلمةٍ سواء، وتحمّل تبعات أخطائنا واهوائنا؟ وإذا كنتم على درجة عالية من الصدق والإخلاص لقضية المقاومة والممانعة، فلم لا تسألون لنا الهداية والرشاد؟ وتقولون قولا ليّناً كما أوصى الله تعالى نبيّهُ موسى إذ بعثه إلى فرعون عصره قائلاً: وقل له قولا ليّناً لعله يذّكرُ أو يخشى.
ثانياً: طليعةُ الخونة..
يبدو لي، والله أعلم، وفوق كل ذي علمٍ عليم، أنّ هؤلاء الغيارى على المقاومة والممانعة بالسّبّ والشتم، هم أول من سيقلبُ لها ظهر المجنّ عندما تفرغ جيوبهم من الأموال الإيرانية النظيفة، وسيكونون طليعة الخونة، ذلك أن لا دين يردعهم ولا خُلق ولا أدب. هؤلاء سيكونون "خوارج" الطائفة الشيعية الجُدد، ذلك أنّ أسلافهم، زاودوا على الإمام علي بن أبي طالب بالتقوى والعلم والسياسة، فارغموه على وقف القتال، وقبول التحكيم ، وفرض أبي موسى الأشعري حكماً غير مأمون الجانب، وعندما تدهورت أحوال التحكيم أنقلبوا عليه، وحاربوه وأخيرا قتلوه أمّا الناشطون الشرفاء الذين لا يُضمرون الشرّ لقومهم، ولا لاوطانهم ، ولا لمذاهبهم، ولا لبقية الطوائف، ولا لأحدٍ من خلق الله، هؤلاء سيكونون يومئذ خير سندٍ وظهير لما يتبقّى يومها من مقاومين شرفاء، وممانعين صادقين، ذلك أنّ الشرف والوفاء والالتزام بقضايا الأمة والاوطان والإنسان قيمٌ لا تتجزّأ ولا تُباع ولا تُشرى، وهي كالورد تنشر عطرها من ذاتها ولذاتها، وكالماسة تلمع لصفائها وجوهرها.