وكأن إسرائيل هدية السماء هبطت على معظم الأنظمة العربية وبعض الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط، وحتى أنه كان لبعض التنظيمات والميليشيات والحركات العربية نصيب وافر من هذه الهدية، إذ أن هذه الأنظمة حاولت اكتساب شرعيتها من شعوبها من خلال رفع شعار فضفاض وخالي من اي مضمون وهو إعلان الحرب على إسرائيل التي احتلت فلسطين وقضمت بعض الأراضي من الدول المجاورة على مراحل متقطعة. 
وقد شكلت إسرائيل ومنذ ومنذ الإعلان عن قيام دولتها أواخر الأربعينات من القرن الماضي واعتراف المجتمع الدولي بها كدولة في هيئة الأمم المتحدة المدى الحيوي للأنظمة العربيه للتسلق إلى مواقع السلطة والتفرد بالحكم والامعان في قمع الأصوات المنادية بالحد الأدنى من ممارسة الديمقراطية والتمادي في إشاعة أجواء من الرعب والإرهاب على الشعوب لقطع الطريق على أي حركة تغييرية والقضاء على أي أمل بالإصلاح وحرية التعبير عن الرأي. 
فالانظمة العربية كانت ولا تزال تتعامل مع الدولة الصهيونية كشماعة تعلق عليها أخطائها وارهابها، وموئلا للهروب من المشاكل الداخلية والأزمات الاقتصادية والمعيشة بذريعة أن معركة التحرير تتطلب تضافر كافة الجهود وتستلزم بناء جيوش جرارة وإقامة منظومات عسكرية لشن حرب التحرير التي لم يأت أوانها بعد وصولا إلى تحرير القدس وكامل التراب الفلسطيني من رجس الإحتلال. 
إلا أنه وفي الواقع فإن هذه الأنظمة لم توجه هذه الجيوش باتجاه العدو الصهيوني ولم تستخدم قواتها العسكرية ضده، بل اتخذتها ذراع لقمع الشعوب واحصاء أنفاسها حماية لمواقعها في السلطة، ولتثبيت دعائم الحكم فيها والقائم على الدكتاتورية والتفرد بالقرار، فحظرت الأحزاب المعارضة ومنعت التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية، وملأت السجون والزنازين بالمحازبين خارج حزب السلطة. عدا الذين كانوا يموتون تحت التعذيب، ونكلت بالاقطاب السياسية والحزبية بتلفيق تهم العمالة والخيانة، فيما اتخذت من القضية الفلسطينية سلعة مثالية للمتاجرة بها، وذلك ببث ثقافة  تقوم على ان من يعارض الأنظمة وسياساتها وقراراتها، فهو مناهض للقضية وعميل للعدو ويشكل حاجزا يحول دون التحضير لمعركة التحرير ويجب اقتصاصه من الجذور. 
والربيع العربي كان خير مصداق لهذا الواقع وهذه الحقيقة، حيث حولت الأنظمة العربية قواتها العسكرية إلى أدوات لقتل الناس في الشوارع وتدمير مرافق الحياة في البلاد. 
وكان النظام السوري أكثر الأنظمة قمعا واجراما ووحشية لشعبة وخرابا لبلده، ومع ذلك فإنه لا زال يستخدم ذات اللغة الخشبية وذات عبارات التهديد والوعيد لأسرائيل مع أن الخط الحدودي الفاصل بين الدولتين هو من أكثر الحدود هدوءا واستقرارا وحماية لأمن إسرائيل على الرغم من بعض التعديات الإسرائيلية التي كان النظام السوري يحتفظ بحق الرد عليها في المكان والزمان المناسبين رغم مرور السنوات الطوال عليها. 
وفي آخر ادعاءات النظام السوري فقد أعلنت وكالة سانا السورية منذ ايام قليلة وعلى لسان القيادة العامة للجيش السوري والقوات المسلحة في بيان لها أن طيران العدو الإسرائيلي قام عند الساعة الواحدة صباح يوم الثالث عشر من الشهر الجاري بالاعتداء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة فتصدت وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت له طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة وطائرة إستطلاع غرب سعسع بريف دمشق. 
وتابع البيان أن هذا العدوان السافر يأتي في إطار دعم العدو الإسرائيلي للمجموعات المسلحة وفي محاولة يائسة لرفع معنوياتها المنهارة بعد الفشل الذريع الذي منيت به والخسائر الفادحة التي تكبدتها بريف القنيطرة. 
أما إسرائيل فقد نفت الادعاءات السورية واوضح المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي بأن الجيش السوري أطلق ليلا صاروخي أرض جو من سوريا بعد الغارة الإسرائيلية على القنيطرة والتي جاءت كرد على انزلاق النيران إلى أراضينا جراء الحرب الأهلية الداخلية السورية، وأشار ادرعي إلى أن الطائرات الإسرائيلية كانت بعيدة عن مصدر التهديد الذي لم يشكل اي خطر على قواتنا.
وفي قراءة متأنية لحدث الغارة الإسرائيلية والرد السوري عليها تبرز فصول مسرحية جديدة لأعادة تأهيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، ولاستعادة شعبية فقدها بعد الحرب المدمرة التي يخوضها ضد شعبه وبلده باعتبار أن التحرش بإسرائيل ولو كان صوريا او بطريقة مبالغ فيها إعلاميا يحصد الشرعية والشعبية لدى العرب مهما ارتكب ضد شعبه من جرائم. 
أما في الثقافة الأمنية الإسرائيلية فإن أمن إسرائيل هو خط أحمر وليس لأحد أن يقاربه ولو كان في ذلك مسرحية بعيدة عن أرض الواقع. 
وهذه حقيقة يدركها جيدا النظام السوري لذا فإن جبهة الجولان تعتبر من أكثر الحدود الإسرائيلية أمنا. 
وكي تكتمل فصول المسرحية فقد دعت روسيا الطرفين إسرائيل وسوريا إلى ضبط النفس والهدوء. مع أن روسيا نفسها لم تستطع أن تدفع بسلاحها الجوي الإستراتيجي إلى سوريا إلا بعد موافقة الدولة الإسرائيلية .