حينما تُقبل على معرفة عالم من علماء التاريخ الإسلامي بحجم العالم الكبير "ابن طاووس" الملقَّب بالسيد"رضي الدين" وهو "علي بن موسى بن جعفر بن طاووس،والمعروف بابن طاووس"..تدرك أنك تقرأ عن العظماء ،وتشعر بأنَّ قلبك بدأ يتنوَّر ويتغيَّر نحو مزيد من المعرفة والعلم، ولا شك بأنه كان عالماً كبيراً وعزيزاً وودوداً،ويفيض بالمعرفة والعلم، ولهذا تشعر عندما تكتب عن حجم هذا العالم تمنحك الكتابة مزيداً من قوَّة العزم على مواجهة أشياء الدنيا وحوادث العالم، ولا شك بأن المعرفة التي يملكها هذا الكبير هي معرفة مغسولة بالإيمان والتعبُّد في نصوص أئمة أهل البيت (ع)، ولد في مدينة الحلة بالعراق سنة 589ه وتوفي عام 664ه.وأما لماذا لُقب "بان طاووس" نسبةً لأحد أجداده الذي لُقب بذلك لجمال وجهه.. السيد ابن طاووس "رحمه الله" بالرغم من مكانته التي ذكرت ،إلا أنه تجد في تاريخه محطة قد تكون مقلقة جداً وخصوصاً إذا ما أراد الباحث أن يقرأ الثورة الحسينية بشكل دقيق ما لم يطلع على المنحى الفكري لدى ابن طاووس وطريقة منهجه، فقد تركت هذه الأمور بصمتها الواضحة على القراءة المتداولة والرسمية لمنطلقات الثورة الحسينية منذ القرن السابع من الهجرة وحتى هذا اليوم،وللإختصار سأترك للقارئ نصاً لافتاً "لابن طاووس" نعتقد بأنه قد يكفي لأخذ الإنطباع العام عن طبيعته ومكانته وشخصيته، وقد يُزوِّد الباحثين بمفتاحٍ أساسيٍ لقراءة تراثه في نفس الوقت، نتمنى أن يكون هذا النص مجالاً للبحث والتدقيق بدلاً من السب والتفسيق...قال في كتابه الشهير(إقبال الأعمال)..."ليعلم ذريَّتي وذوو مودَّتي إنني كنتُ قد صمت يوم ثاني عشر ربيع الأول...وعزمت على إفطار يوم ثالث عشر، وذلك في سنة إثنتين وستين وستمائة، وقد أمرت بتهيئة الغذاء، فوجدت حديثاً في كتاب (الملاحم) للبطائني عن الصادق (ع) يتضمَّن وجود الرجل من أهل بيت النبوَّة بعد زوال مُلك بني العباس، يحتمل أن يكون - الإشارة إلينا- والإنعام علينا..وهذا ما ذكره بلفظه من نسخة عتيقة بخزانة مشهد الكاظم (ع) وهذا ما رويناه ورأينا عن أبي بصير عن أبي عبدالله(ع) قال: "قال الله أجل وأكرم وأعظم من أن يترك الأرض بلا إمامٍ عادلٍ،قال(أبوبصير) :قلت له: جعلت فداك فأخبرني بما أستريح إليه، فقال: يا أبا محمد ليس يرى أمَّة محمد (ص) فرجاً أبداً ما دام لولد بني فلان مُلك حتى ينقرض ملكهم، فإذا انقرض مُلكهم أتاح الله لأمَّة محمد رجلاً منا أهل البيت، يشير بالتقي ويعمل بالهدي ولا يأخذ الرَّشى، والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه، ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشَّامتين، القائم العادل الحافظ لما استودع،يملأها قسطاً وعدلاً كما ملأها الفجَّار جوراً وظلماً"...وبعد أن أكمل السيد ابن طاووس نقل هذه الحادثة والرواية قال: "أقول: ومن حيث انقرض مُلك بني العباس لم أجد ولا أسمع برجل من أهل البيت يشير بالتَّقي ويعمل بالهدي ولا يأخذ في حكمه الرشا، كما تفضَّل الله به علينا باطناً وظاهراً، وغلب ظنِّي أو عرفت إن ذلك إشارة إلينا وإنعام، فقلت ما معناه: يا الله إن كان هذا الرجل المُشار إليه – أنا – فلا تمنعني من صوم هذا يوم ثالث عشر ربيع الأول، على عادتك ورحمتك في المنع ممَّا تريد منعي منه وإطلاقي فيما تريد تمكيني منه، فوجدت إذناً وأمراً بصوم هذا اليوم (وهو ثالث عشر) وقد تضاحى نهاره، فصمته..وقلت في معناه: يا الله إن كنت  - أنا – المشار إليه - فلا تمنعني من صلاة الشكر وأدعيتها، فقمت فلم أُمنع بل وجدت لشيء مأمور فصلَّيتها ودعوت بأدعيتها، وقد رجوت الله تعالى برحمته قد – شرَّفني بذكري في الكتب السالفة على لسان الصادق(ع).. "إقبال الأعمال:ج 3 ص 559 600"...