منذ أيام شن المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية على خامنئي هجوما قاسيا على السعودية مع مرور الذكرى السنوية الاولى لأحداث منى التي ذهب ضحيتها 464 حاجا إيرانيا، ووصف خامنئي حكام السعودية بالشجرة الخبيثة والملعونة واصفا إياها بأنها لا تستحق إدارة شؤون الأراضي المقدسة .
وعلى الأثر انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كلمة الشجرة الملعونة واستخدمت الكلمة هاشتاغ من رواد التواصل الاجتماعي كتعبير أُريد به النيل من المملكة العربية السعودية وآل سعود، 
واستخدمت هذه الكلمة في العراق للنيل من آل سعود وانتشرت صور مسيئة على الطرقات وفي الأمكنة العامة في أكثر من مكان في بغداد، واستخدمت مؤخرا في لبنان للغاية نفسها على خلفية العلاقات المتوترة بين إيران وحزب الله من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة ثانية.
حاول نشطاء استخدام هذه الكلمة للنيل من آل سعود كتعبير حاد عمّا وصلت إليه الأمور بين إيران والسعودية .  
لماذا استخدم خامنئي هذه العبارة؟
ربما يعود استخدام خامنئي لهذه العبارة إنطلاقا من التفاسير الشيعية لهذه الآية والتي تقول :
و قصة هذه الآية القرآنية المباركة هي أن النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) رأى في منامه أن بني أمية يَنْزُون  على منبره نزو القردة فساءه ذلك ، و أخبر الرسول ( صلى الله عليه و آله ) المسلمين بأن بني أمية سيستولون على الحكومة الإسلامية ظلماً و عدواناً غاصبين بذلك حق أهل بيته ( عليهم السلام ) و هم ورثة الخلافة الحقَّة عنه ( صلى الله عليه و آله ) .
و قد روى جماعة من المفسرين و المُحدثين هذه الرؤيا و ذكروا قصتها ، و إليك نماذج من تلك الروايات :
1. رَوى عباد بن يعقوب ، عن شريك ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال رسول الله ( صلى الله عليه ( و آله ) و سلم ) : " إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه "  .
قال تعالى في سورة الإسراء، الآية 60: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، والشجرةَ الملعونةَ في القرآن ".
يرى جماهير المفسرين السنة أنّ الشجرة الملعونة هنا هي شجرة الزقّوم. أما الشيعة فإنهم يذهبون إلى أنّ الشجرة الملعونة هم بنو أمية، ويستندون في ذلك إلى حديث شريف ينص على: " أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد رأى في المنام بني الحكم، أو بني العاص، يَنزون على منبره كما تنزو القرود، فأصبح كالمتغيظ...". والتشيّع واضح في الربط بين هذا الحديث والآية الكريمة. 
والملاحظ من استخدام هذه الكلمة لدى الأوساط الشيعية الناشطة على التواصل الإجتماعي إنطلاقا من حديث النبي (ص) والذي لم يُعلم صحته أصلا، وما اللجوء إلى استخدام هذا النص إلا من باب التحريض الذي لا يخدم أي قضية سوى إثارة البلبلة والنعرات في مجتمعنا الاسلامي .
واختلف المفسرون سنة و شيعة في فهم هذه الآية وكثرت التآويل والتفاسير حولها وقد ذهب أهل التفسير في شرح دلالة كلمة ( الشجرة ) من النص القرآني التالي :
{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } (الإسراء60 )،
إلى أنها شجرة نباتية تخرج من أصل الجحيم، وهي المقصودة بشجرة الزقوم في قوله تعالى: {لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } (الواقعة 52)،
وذلك التفسير كان نتيجة التعامل مع النص القرآني بصورة سطحية، وأخذ ما انتشر وشاع بين الناس من استخدام لدلالة الكلمة، وفهم دلالة الكلمات في النص القرآني بصورة مجزأة من منظومة النص وحركته الواقعية.
إن فهم دلالة كلمة من نص قرآني لا يمكن أن يحصل بصورة مُقتطعة من سياق النص، أو الركون إلى اعتماد الشائع في تصورات الناس المعيشية، بل لابد من فهم دلالة جذر الكلمة لساناً، وبعد ذلك فهم حركة هذه الدلالة في تناغمها مع المفردات الأخرى التي تم استخدامها في بناء النص، وبعد ذلك يتم إسقاط النص على محله من الخطاب (الواقع )، لأن الواقع هو البوصلة الذي يحدد صور دلالات كلمات النص، والمقصود منها، كما أن الواقع هو أساس للسان، ومحل للتخاطب، واللسان هو مرآة صوتية للواقع، وبالتالي ينبغي دراسة الأصل (الواقع )، وليس صورته (اللسان).
إن كلمة (الشجرة ) من شَجَرَ، التي تدل على تداخل وتشابك الأشياء ببعضها سواء أكانت مادية أم معنوية. نحو قولنا : المشاجرة، إذا تداخل اثنان في عملية نزاع بالأيدي،أو الأرجل أو بالعلاقات. قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } (النساء65 ) بمعنى فيما تداخل بينهم من مصالح، وعلاقات اختلفوا فيها.
وسُمّيت (الشجرة)، شجرة، لأن أغصانها مُتداخلة ببعضها، ومن ذلك الوجه أطلقنا على صورة نسل العائلة (شجرة العائلة )؛ لتداخل العلاقات بين أفرادها.
فما هي دلالة كلمة (الشجرة ) في النص القرآني التالي:
( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ) ؟
بعد أن عرفنا أنّ دلالة كلمة الشجرة من حيث الأصل هي التداخل والتشابك والعلاقات بين الأشياء، نأتي لمعرفة علاقة هذه الكلمة مع الكلمات الأخرى في النص؛ وملاحظة حركة النص في الواقع.
نلاحظ في النص وجود كلمة ( ملعونة ) أتت وصفاً لكلمة (الشجرة)، ومن المعلوم أن دلالة كلمة (اللعن) هي الطرد والغضب والنبذ للشيء، وهذه الدلالة لا تُستَخدم لغير العاقل الحر، فلا يصح لساناً، ولا واقعاً؛ طرد الحجر، أو الغضب على الخشب، أو نبذ الحديد، لأنها كائنات لا يند عنها سلوك يدعو إلى تعلق الطرد، أو الغضب بها، ما يدل ضرورة على أن دلالة كلمة ( الشجرة ) في النص المذكور؛ تعني تداخل وتشابك العلاقات والمصالح بين الناس.
إنَّ العلاقات والمصالح بين الناس هي أفعال للناس(المجتمع)، وبالتالي فاللعن موجه إلى الفاعل، وليس إلى الفعل.
فمن هو المجتمع الفاعل صاحب الأفعال التي ترتب على ممارستها لَعنه والغضب عليه؟