أولاً : باسيل على خطى قرم الثقافية

 يبدو أنّ جبران باسيل يقتفي آثار أبرز شخصيّتين مسيحيّتين في تاريخ لبنان الحديث خلال عشرينيات القرن الماضي: شارل قرم وميشال شيحا، وخاصة الأول منهما، فقرم كان رسول الدعوة إلى لبنان المسيحي، لا لبنان الوطن، (كما يذهب إلى ذلك باسيل)، وكان قرم ينظر إلى المسلمين خصوم دينٍ وتاريخ، يفتقدون الولاء للكيان اللبناني، (وهذه حال باسيل على ما يبدو)، وكان قرم يجاهر بكرهه للّغة العربية بما هي لغة "آسيوية" فُرضت على المسيحيين بواسطة "المجازر والرعب"، والبديل طبعا هي اللغة الفرنسية، ولست أدري ما إذا كان باسيل قد اطّلع على تراث سلفه قرم، وخاصة في مُطوّلته "الجبل الملهم"، ونرجو أن لا يكون قد فعل، لئلا يخرج علينا بما ذهب إليه قرم:أخي المسلم، افهم صراحتي. أنا اللبناني الحقيقي، الأصيل والمتفاني.

  ثانياً : باسيل بين إميل إده وفؤاد شهاب

 لو قُيّض لباسيل أن يُفاضل بين الرئيس إميل إده والرئيس فؤاد شهاب، لاختار الأول بلا تردّد، ونبذ الثاني، فالتجربة الشهابية سعت لبناء دولة المواطنة، دولة المؤسسات، دولة الإنماء المتوازن، دولة الرقابة والشفافية، لا دولة الفساد والمحسوبيات، في حين كانت دولة اده دولة التعصّب الطائفي والتمييز العنصري، فقد كان يرى بأنّ لبنان وطن قومي مسيحي، (وهذا ما يؤمن به باسيل دون الجهر بذلك) وكان يؤمن بضرورة تحجيم لبنان الكبير جغرافيا وسكانياً، ولو استطاع باسيل إلى ذلك سبيلاً، لما تردّد لحظة، وهذه طروحات تختلف عن طروحات بشير الجميل مثلاً، ومن مآثر الرئيس اده عام ١٩٣٠ عندما ترأس الوزارة أن أثار فضيحة عندما قام بإلغاء مئة واحد عشر مدرسة رسمية، معظمها في المناطق ذات الأكثرية المسلمة.

  ثالثاً: دلع باسيل في زمن القحط

 هذا الذي يُمثّل عمّه على طاولة الحوار، من أين له هذه الجرأة في المجازفة بمصير لبنان، لولا الدعم اللامحدود الذي يوفره حزب الله، كان عُتاة المارونية السياسية يجاهرون بعدائهم للمسلمين والعرب في عهد الانتداب والامتيازات الأجنبية، تُرى هل يغرف باسيل اليوم من ذات المعين، بعد تحول من الغرب إلى أقصى الشرق، أم أنّه هذيان بلغة قديمة، كان اللبنانيون يعتقدون أنّها ولّت إلى غير رجعة، حتى أعادت اتفاقية عون- السيد لها الروح من جديد، وسبحان من يحي العظام وهي رميم.