أصدر قاضي التحقيق العدلي آلاء الخطيب القرار الاتهامي في قضية تفجير مسجدي التقوى والسلام في 23/8/2013 سمى فيه الضابطين في المخابرات السورية النقيب في فرع فلسطين محمد علي والمسؤول في فرع الأمن السياسي ناصر جوبان مخططين للتفجيرين. وسطر مذكرات تحر دائم لمعرفة هويات الضباط والامنيين في المخابرات السورية المتورطين في عملية تفجير المسجدين والمسؤولين عن اعطاء الامرة في هذه العملية لملاحقتهم وفقا للاصول.

كما سمى القرار المنفذين للتفجيرين الموقوف يوسف دياب والفار احمد مرعي وطلب لهما مع منسق العملية، طبقا لوصف القرار ، الشيخ حيان رمضان عقوبات تنص على عقوبة الاعدام .وكذلك الموقوف احمد غريب.

والقت وقائع القرار الضوء على دور الضابط السوري علي في عمليتي التفجير. وذكرت ان علاقة صداقة تجمع المدعى عليهما الموقوفين مصطفى محمد حوري بالقيادي في حركة التوحيد الاسلامي التابعة للشيخ هاشم منقاره المدعى عليه احمد غريب وتجمعهما اراء سياسية قريبة في شأن ضرورة التحالف مع النظام السوري بوجه خصومه.

وافاد حوري ان غريب فاتحه بموضوع الانتقام من الشخصيات المعادية للنظام السوري وعلى رأس اللائحة امام مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي كونه كان يقوم بتجييش الشباب في المسجد للذهاب الى   سوريا ومقاتلة النظام. واعلمه بامكان جلب سيارة مفخخة لوضعها امام المسجد، بعد تفخيخها في طرطوس او قرب الحدود اللبنانية السورية. وذكر له اهداف اخرى غير الرافعي كوزير العدل المستقيل اشرف ريفي باعتبار ان تصفيته الجسدية من شأنها توجيه ضربة قاسية لمنطقة الشمال بما يخدم اهداف النظام السوري، والنائب خالد الضاهر باعتبار انه يهرب السلاح الى المعارضة السورية، اضافة الى النائب السابق مصطفى علوش، وعقيد متقاعد في الجيش. وطلب من حوري تأمين الاشخاص لمراقبة هذه الشخصيات. واضاف حوري ان غريب فاتحه بهذا الموضوع مرات عدة مع تفاصيل او افكار اخرى كتفجير المعتصمين في ساحة النور. واثر ذلك اخبر حوري السلطات الامنية بالموضوع.

انكر ثم اعترف

وانكر المدعى عليه غريب في بدء التحقيقات وبعد مواجهته بسيل من المعطيات والمعلومات الموثقة اعترف بأنه طلب مساعدة حوري بالفعل. وافاد انه يعرف النقيب السوري في المخابرات السورية (فرع فلسطين) المدعى عليه محمد علي الملقب "ابو جاسم". ويلتقيه في مكتبه في الفرع واحيانا في المطاعم خارج مكتبه ويتواصل معه على هاتفه.

واضاف ان النقيب السوري فاتحه بموضوع مسجد التقوى حيث تم عقد اربع لقاءات متتالية تم تخصيصها لبحث هذا الموضوع حصرا. ففي اللقاء الاول فاتحه بصورة مفصلة ودقيقة بضرورة تصفية الشيخ الرافعي وازاحته من الساحة الطرابلسية على ان تتولى حركة التوحيد مهمة التصفية في المسجد بوضع سيارة مفخخة يقوم النقيب علي بتأمينها وارسالها الى لبنان. عندها فاتح غريب الشيخ هاشم منقارة بطلب نقيب المخابرات السورية فرفض منقارة الطلب، ففاتح غريب صديقه حوري.

وفي لقاء ثان مع النقيب السوري حصل بعد 25 يوما من اللقاء الاول عاد نقيب المخابرات وسأل غريب عن قرار منقارة فاجابه بعدم صدور اي قرار عن الاخير، عندها سأل النقيب علي المدعى عليه غريب عن مدى استعداده للقيام شخصيا بهذا العمل بمعزل عن منقارة، فاجابه غريب"لا مشكلة عندي".

فصرح النقيب السوري ان السيارة سيتم تفخيخها في طرطوس او على الحدود اللبنانية السورية. وفي اللقاء الثالث بعد حوالى اسبوع تم البحث في احداثيات مسجد التقوى والموقع الذي يجب وضع السيارة المفخخة فيه حيث جرى استخراج صورة جوية للمسجد عبر غوغل وتحديد المسافات الداخلية للمسجد من حائطه ولغاية المنبر وتم تقديرها من 10 الى 15 مترا. وارتأى غريب وضع السيارة المفخخة على الطريق العام بمحاذاة الجامع اذ ان مكانها من شأنه استهداف الشيخ سالم الرافعي. وتم تحديد يوم التنفيذ الجمعة تبعا لتوصية النقيب السوري لتكون الرسالة مدوية وواضحة.

وفي اللقاء الرابع والاخير بينهما في مطعم البيت الفرنسي في المزة خلال حزيران 2013. ابلغ غريب بوجوب الاتصال بالنقيب السوري السبت او الاحد لمتابعة باقي تفاصيل عملية التنفيذ. واضاف غريب انه اتصل لاحقا بالنقيب السوري وارسل له رسائل نصية من دون ان يرد الاخير على اي منها الى ان حصل الانجار يوم الجمعة في 23/8/2013. وانكر غريب اي علاقة له بتنفيذ الانفجار مدليا ان النقيب السوري وراء عملية التفجير ولا يعلم بواسطة مَن تم التنفيذ لانقطاع التواصل بينه وبين النقيب السوري. ورصدت رسالتين نصيتين على هاتف غريب من النقيب السوري قبل الانفجارين بشهرين بما حرفيته "شو وعودك يا شيخ لما صرنا بالجد صار الحكي معك صعب، الله المستعان". و"كيفك يا شيخ تأخرت علينا".

تهديد شخصيات في 14 آذار

وتبين ان غريب مسؤول العلاقات في حركة التوحيد يمتهن العمل الامني ويحتوي حاسوبه على معلومات امنية "مشبوهة". اضافة الى صور لبعض الشخصيات والسيارات مع ارقام لوحاتها وصور لتجمعات في ساحة النور ما يدل على عملية مراقبة ورصد محترفين. وعثر بين اغراضه على العديد من المراسلات الامنية وتعداد محترف لبعض الاسلحة والذخائر اضافة الى معلومات امنية عن اشخاص عدة بينهم الشيخ سالم الرافعي. وتبين انه يحتفظ بذكرة هاتفه برقم سوري مشبوه بقضايا امنية اخرى وحُفظ هذا الرقم باسم "الممنوع". واستخدم سابقا الرقم بارسال رسائل عدة الى هواتف بعض شخصيات 14 آذار عقب استشهاد اللواء وسام الحسن وفيه تهديد بما مفاده انه تم اغتيال واحد من عشرة والدور سيلحق بالآخرين.

واشار غريب الى انه لا يذكر لمن يعود هذا الرقم رغم تحفيظه على ذاكرة هاتفه. وانكر الشيخ منقارة ان يكون غريب فاتحه بموضوع تفجير مسجد التقوى، فيما اصر الاخير على هذه المفاتحة. وتبين ان السيارة المستخدمة في تفجير مسجد السلام "فورد" رباعية الدفع "اكسبديشن" ومباعة الى اكثر من شخص الى ان بيعت الى المدعى عليه غيابيا علي نصري شمص ليتم بيعها بواسطة شقيقه مصطفى نصري شمص الى الملاحق غيابيا السوري خضر لطفي العيروني الذي تبين انه تلقى على هاتفه رسائل نصية من المدعى عليه محمد حسن ماهر حسين الملقب "الفلاح" عن اسعار سيارات.

كذلك تبين ان النقيب السوري تواصل هاتفيا مع مشتري السيارة المفخخة العيروني التي استهدفت مسجد السلام. وتبعا لذلك تم ربط خيوط مخطط التفجير والجهة التي تقف خلفه بعدما تبين لمحققي شعبة المعلومات تورط نقيب المخابرات السورية محمد علي فعلا في عملية تفجير 23/8/2013. وبعد دراسة ارقام هواتف النقيب السوري تبين انه تلقى اتصالات ورسائل على رقمه السوري من رقمين خلويين لبنانيين. الرقم الاول من احد ابناء بلدته السورية خربة المعزة في طرطوس وهو الشاهد م .أ الذي اكد عائدية الرقم السوري المتصل به الى الضابط علي. واوضح اسمه وهويته واوصافه. وتطابقت جميع هذه الاوصاف مع ما ورد في افادة المدعى عليه غريب.

والرقم الثاني عائد الى الشاهد ن.ج .وتبين ان شقيقه استخدم هاتفه للتواصل مع النقيب السوري وتربطه به علاقة معرفة. واكد الشاهد ان الرقم السوري يعود الى النقيب علي الضابط في المخابرات السورية. ومن نحو آخر تبين ان الرقم الخليوي العائد للشاهد ث.أ تلقى اتصالا من هاتف سوري. وبسماع الشاهد افاد انه عائد للمدعى عليه العيروني ، من ابن بلدته ربلة في محافظة حمص، وان الاخير يعمل مع المخابرات السورية ومعروف انه من الشبيحة التابعين للنظام، ويتداول ابناء البلدة ان العيروني من ذوي السمعة السيئة.

اما سيارة جي ام سي اينفوي التي انفجرت امام مسجد التقوى ، فتبعا للتحقيق، ان العيروني استلمها من المدعى عليه العراقي محمد حسن ماهر حسين الذي تواصل معه عبر رسائل هاتفية عدة مشبوهة لمشاورته بخصوص شراء سيارة رباعية الدفع بينها الاينفوي.

وبتفريغ كاميرات المراقبة في موقعي الانفجارين وجميع الطرق المؤدية اليهما في الشمال تبين بوضوح مسار السيارتين قادمتين من جادة فؤاد شهاب باتجاه دوار ابو علي وقدومهما على الارجح من منطقة جبل محسن. وتم رصد السيارتين تحضُران عبر طريق الهرمل ومن ثم القبيات باتجاه جسر الملولة. كما تم الاشتباه بسيارتين جيب شفروليه بلايزر بيضاء ورينو 18 ذهبية سلكتا الطريق ذاته لتلك المفخختين من الحدود السورية لحين وصول هذه السيارات الى منطقة جبل محسن بالاستناد الى تطابق ارقام هاتفية مع تحركات السيارتين المفخختين المرصودة عبر تسجيلات كاميرات المراقبة ، وتلازم مسارهما مع شبكة من الارقام تطابقت تحركاتها مع تحركات السيارتين المفخختين. وتم الاشتباه بهذه الشبكة على اساس ان اصحاب ارقام هواتف في هذه الشبكة هم على الارجح من نقلوا السيارتين المفخختين. ومن تحليل الاتصالات تم استنتاج ان المدعى عليه غيابيا حيان رمضان نسَق عملية احضار السيارتين المفخختين تاريخ 21/8/2018 وتواصل مع الموقوف يوسف عبد الرحمن دياب المشارك بنقل السيارتين المفخختين من منطقة متاخمة لمنطقة القصر الحدودية الى جبل محسن، و(رُجح انه احد شخصين شاركا في التفجير قرب مسجد السلام) مع الفارين سلمان اسعد والسورية ثكينة اسماعيل وزوجها احمد مرعي المشتبه به بوضع السيارة المفخخة امام مسجد التقوى .وصار الادعاء على النائب السابق علي عيد واحمد محمد علي باخفاء الاخير مرعي ومساعدته على الفرار الى سوريا. وادلى دياب باعترافات صريحة وواضحة . وسرد كيف استكشف المسجدين مع منسق عملية تفجير المسجدين الفار الشيخ حيان رمضان ومرعي واسعد ثم ذهابهم الى بلدة حدودية جردية عن طريق البقاع .ورجح ان تكون سورية لعبورهم حاجزا للجيش السوري النظامي وتسلموا السيارتين المفخختين وغادر السائقين في سيارة بيضاء مع سائقها.وقاد يوسف الفورد ومرعي الاينفوي .

وركنت السيارتان امام منزل حيان في جبل محسن.وفي اليوم التالي انطلق يوسف في سيارة مسجد السلام وفجرها باستعمال جهاز الخليوي بينما كان على دراجة نارية يقودها الملاحق غيابيا خضر شدود عبر طريق البحصاص .اما مرعي فصار الاتفاق في منزل حيان على ان يقود سيارة مسجد التقوى.وغادر يوسف بعد الانفجار على دراجة نارية يقودها الملاحق غيابيا خضر شدود فيما فر مرعي مع اسعد في سيارته. واقر الموقوف احمد محمد العلي سائق علي عيد بنقل مرعي من منزله في منطقة الجبل الى منزل عيد في حكر الضاهري بناء لطلب الاخير ثم نُقل الى سوريا. وبينت تحقيقات شعبة المعلومات بتحليل ارقام الهواتف المشبوهة تورط المسؤول في جهاز الامن السياسي السوري ناصر جوبان الملقب" ابو خالد" في عملية التفجير. وذكر القرار ان التحقيقات كشفت تواصله مع الارقام الامنية المشبوهة،فضلا عن ارتباطاته الامنية والجهة التي يعمل لاجلها. واثناء تواجده بعد نحو شهرين من التفجيرين في محيط كازينو لبنان تلقى اتصالا من رقم امني غادر بعده لبنان فورا وتراجع غريب ودياب والعلي في التحقيق الاستنطاقي عن اعترافاتهم السابقة.

 

كلوديت سركيس