قبل عدة أشهر توجه نات سيلفر، الصحفي الاميركي ومؤسس موقع (538) الشهير والمتخصص بالأرقام والاحصاءات، توجه الى وسائل الاعلام الأميركية قائلا: "أعزائي وسائل الإعلام، توقفوا عن الجنون في موضوع إستطلاعات الرأي لترامب". سيلفر الذي كان يستبعد امكانية اجتياز ترامب لامتحان الانتخابات التمهيدية، كتب اليوم على حسابه على تويتر محذرا من هشاشة الوضع الانتخابي لدى هيلاري كلينتون، ليعود ويقول ان اليوم يعتبر من افضل ايام ترامب على صعيد استطلاعات الرأي. كلام سيلفر لم يأت من فراغ، وسائل الاعلام في الولايات المتحدة تتحدث عن تراجع كبير لهيلاري كلينتون على صعيد إستطلاعات الرأي، والفارق بينها وبين ترامب الذي وصل منذ اسبوعين الى اثني عشر نقطة، بات اليوم يلامس الاربع نقاط كحد اقصى. 

شهر اغسطس ابتسم لكلينتون في نصفه الاول، واستفادت وزيرة الخارجية من عدة امور حصلت، المؤتمر العام للحزب الديمقراطي كان قد وضع اوزاره في نهاية تموز ليترافق مع سجالات ترامب وعائلة خان، وايضا تصريحات المرشح الجمهوري التي أضاءت عليها وسائل الاعلام بشكل غير مسبوق وافردت لها صفحاتها من واقعة مناشدة روسيا لاختراق بريد كلينتون، الى تأسيس اوباما لداعش، هذه الامور هيأت ارضية خصبة للمرشحة الديمقراطية وجعلتها تبتعد عن منافسها بفارق وصل الى أكثر من عشر نقاط. التغيرات المعاكسة بدأت تحديدا منذ الخامس عشر من شهر اب، فالمرشح الجمهوري إعتمد سياسة الخطابات المكتوبة، لامرين الزام منافسته على الرد عليه وفق ما هو مكتوب، والاهم منع وسائل الاعلام من تأويل او تحوير خطاباته الارتجالية وتفسيرها او وضعها في غير مكانها. 

التغييرات التي اجراها ترامب في حملته الانتخابية على صعيد الهيكلية القيادية كان لها اثر ايجابي خصوصا تعيين كيليان كونواي كمديرة لحملته(يتهم ترامب بكرهه للنساء) ، وستيف بانون كرئيس تنفيذي، بالاضافة الى لقاءاته مع قياديين أميركيين من أصول لاتينية، ورسائله الى الناخبين الافارقة الاميركيين لكسبهم الى جانبه. كما استفاد ترامب من عدة أمور تتعلق بمنافسته كقضية بريدها الالكتروني التي لم تخمد اصلا وطفت الى العلن بقوة هذه الايام، وايضا مؤسسة كلينتون الخيرية، وايضا عدم خروجها بشكل مكثف في لقاءات انتخابية كترامب الذي تنظم حملته مهرجانات انتخابية كل يوم تقريبا في مختلف الولايات. 

بحسب الاحصاءات التي نشرها موقع سيلفر اليوم، تبين ان ترامب يمكنه اليوم الحصول على اصوات 216،8 مندوبا بعدما كان رصيده 191 منذ حوالي اسبوعين، اما كلينتون فقد انخفضت ارقامها بشكل رهيب لتصل الى 320،6 مندوبا بعدما وصلت الى 346 منذ عشرة ايام ايضا. 

الأخطر ليس في عدد المندوبين فحسب، بل في الولايات المتأرجحة والتي يضعها الموقع في خانة كلينتون، ففي اوهايو (18 مندوبا) أظهر اخر استطلاع للرأي اجرته جامعة ايمرسن تعادل ترامب وكلينتون على صعيد الناخبين بواقع 43% لكل منهما، أما في نورث كارولينا (15 مندوبا) فيتقدم ترامب بفارق نقطتين دائما وبحسب ايمرسن، بالمقابل تتقدم كلينتون في فلوريدا بفارق يتراوح بين اثنين الى خمس نقاط، وفي بنسلفانيا ايضا حيث تشير الاستطلاعات الى تفوقها بفارق اثنين الى سبع نقاط.

الزيارة المكسيكية كيف ستنعكس زيارة ترامب المكسيكية على حظوظ المرشح الجمهوري؟ بالعودة الى الأرقام الصادرة عن (538) يتبين ان ترامب وصل الى الرقم 216 مندوبا بعد انتهاء الزيارة، علما انه حتى ليل امس (قبل الاعلان عن رحلته) كانت ارقامه تشير الى امكانية حصوله على 210 مندوبين، ما يعني ان هذا اللقاء يعد إيجابيا بالنسبة اليه، علما بأن حملته استبقت الزيارة بالاعلان ان ترامب لن يلين موقفه بالنسبة الى قضية الهجرة، وكان صريحا في مؤتمره الصحفي الذي عقده مع الرئيس المكسيكي انريكي نيتو، ولم يظهر حتى الان اشارات تظل على ان ترامب كان يناور في تصريحاته عن الهجرة غير الشرعية والجدار الحدودي، وحتى تلك التي تتعلق بمنظمة النافتا.

 

جواد الصايغ | ايلاف