دأبت الأحزاب العراقية، كلما اقترب موعد الانتخابات، على إقناع الشخصيات البارزة في المجتمع بضمها إلى صفوفها لترشيحها ضمن قوائمها الانتخابية، للحصول على أكبر كمّ من الأصوات. لكن هذه المرة، تسعى الأحزاب إلى كسب ود أكبر قدر ممكن من قياديي المليشيات بضمهم إلى صفوفها لخوض انتخابات المجالس المحلية المرتقبة مطلع 2017، فيما تسعى مليشيات إلى تكوين أحزاب خاصة تخوض بها الانتخابات بعدما نالت القدر الأكبر من الدعم الشعبي، لا سيما في مناطق جنوبي العراق.

ويؤكد مصدر مقرّب من قيادات في التحالف الوطني (تكتل يضم الأحزاب الشيعية الحاكمة) لـ"العربي الجديد" أن عدداً من كبار قيادات المليشيات التي قاتلت تحت راية "الحشد الشعبي" سيتحولون من العمل العسكري إلى السياسي. وسيمكّنهم هذا التحول من خوض الانتخابات ضمن قوائم لأحزاب شيعية معروفة، وأخرى سيتم استحداثها، وفقاً للمصدر. وتنطلق انتخابات مجالس المحافظات مطلع عام 2017، فيما تنطلق الانتخابات البرلمانية مطلع عام 2018. وتسعى الأحزاب بكامل ثقلها إلى خوض انتخابات مجالس المحافظات للفوز بحصيلة أكبر من المقاعد، لا سيما أن فوز الأحزاب بهذه الانتخابات يساعدها في الفوز بالاستحقاقات البرلمانية التي تؤدي إلى تشكيل الحكومة.
" ويوضح المصدر أن قادة من "الحشد الشعبي" سيتم دعمهم بشكل كبير من قبل أحزاب السلطة في الانتخابات المقبلة، باعتبار أنهم الورقة الرابحة للأحزاب الساعية لنيل أكبر نصيب من الأصوات. ويلفت إلى أن المليشيات بدأت تولي أهمية للعنصر النسائي، وصارت بعض النسوة يظهرن على شاشات التلفزيون ويحضرن اجتماعات ولقاءات مع قادة بعض المليشيات، ويذهبن إلى قواطع عمليات القتال. ويشير إلى أنّ كل ذلك يحدث تمهيداً لدخولهن المعترك الانتخابي في قوائم منفردة لأحزاب منبثقة من المليشيات، خصوصاً أن من شروط الدخول في المعترك الانتخابي الحيازة على عدد معيّن من المرشحات الإناث.
اشتعال فتيل الطائفية
ينقسم الشارع العراقي بين مؤيد ورافض لدخول مليشيات "الحشد الشعبي" المعترك الانتخابي. ففي حين يعتبره مواطنون حقاً كفله الدستور ومطلباً شعبياً، يرى آخرون أن ذلك سيجلب وبالاً إضافياً على العراقيين. وتسعى العشائر في مناطق وسط وجنوبي العراق إلى التحشيد الشعبي للوقوف إلى جانب قوات "الحشد"، بحسب الشيخ القبلي عباس التميمي، الذي يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "من نجح في ردع داعش واسترداد الأراضي من سيطرته يستحق أن يقود البلد". ويشير إلى أنّه "مثلما وقفنا إلى جانب الحشد الشعبي وحشدنا شبابنا للانخراط في صفوفه، سنفعل ذلك لفوزه في الانتخابات إذا ما نوى قادته التحول إلى العمل السياسي".

في المقابل، يرى عضو مجلس عشائر الرصافة عبد العظيم الدليمي أن "الحشد الشعبي" لن ينجح في قيادة البلاد سياسياً، مبيناً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "النجاح في قتال داعش لا يعني النجاح في إدارة البلاد". ويضيف، "مرة أخرى سنشعل فتيل الطائفية إن دخلت المليشيات في العمل السياسي"، موضحاً أن "الجميع يعلم حجم الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها عناصر في المليشيات ضد مواطنين لا لشيء سوى كونهم سنّة، فكيف لهؤلاء أن يتسلموا مسؤولية إدارة البلاد أو حتى المشاركة في إدارتها، لا بد أنهم سيستغلون مواقعهم لمواصلة انتهاكاتهم الطائفية لكن بأسلوب آخر"، على حدّ تعبيره.

 

انتهاكات المليشيات المتكررة
المشهد الأمني في العراق بات واضحاً أن للمليشيات الدور الأبرز فيه، لا سيما بعد اعتراف الحكومة العراقية بأن المليشيات جزء من القوات الأمنية، وهو ما تحقق للمليشيات بعد انضمامها لقوات "الحشد الشعبي". وكانت آخر انتهاكات المليشيات التي وثقتها مقاطع فيديو لمدنيين من أهالي الفلوجة هربوا في أثناء معركة تحرير المدينة، وتم اعتقالهم من قبل المليشيات، انتشرت بعد بثها في وسائل الإعلام، تؤكد الجرائم بحق المدنيين من الرجال. وكشف المعتقلون قيام المليشيات بتعذيبهم وقتل أعداد كبيرة منهم لدواع طائفية، لكن أي إجراء رسمي بحق المليشيات لم يُتخذ.
من جهته، يقول المحلل السياسي علي الصميدعي، إن تحوّل المليشيات من العمل العسكري إلى السياسي ليس وليد اليوم، موضحاً أن الأحزاب والقيادات السياسية الحاكمة في السلطة معظمها تعود جذورها إلى المليشيات. ويضيف أن "وزير النقل السابق، عضو مجلس النواب هادي العامري قيادي مليشياوي سابق كان يحارب إلى جانب الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي في حرب الـ8 سنوات، كما أن المجلس الأعلى الذي يقوده عمار الحكيم ويعتبر من أحزاب السلطة كان من المليشيا".
ويبين الصميدعي أن "ظهور أحزاب جديدة آتية من المليشيات يحقق الكثير لجهات معينة، فهو يساعد إيران في تثبيت ركائزها بشكل أعمق في العراق، وفي الاستحواذ على الأصوات، لا سيما أن شعبية الأحزاب السياسية الشيعية المدعومة من قبل إيران تراجعت كثيراً في الأوساط الشيعية نفسها". ويلفت إلى أن "بقاء الحال كما هو عليه يعني أن الأحزاب الشيعية لن تنال النسبة من الأصوات التي تحقق لها تولي دفة الحكم، لذلك فإن إقحام المليشيات في كيانات حزبية أو قادة المليشيات سيعيد ثقل كفة الشيعة في ميزان الانتخابات".

وسجّلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكثر من 40 كياناً سياسياً تمثل في أغلبها فصائل من "الحشد الشعبي" التي ترغب في المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات مطلع العام المقبل، وكذلك البرلمانية عام 2018.

وحذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، السبت الماضي، من مشاركة مليشيا "الحشد الشعبي" في الانتخابات العراقية المقبلة. وأشار إلى أن هذه المشاركة ستحوّل الحكومة إلى حكومة "مليشيات"، وستكسب أصوات الشعب عن غير وجه حق. ووصف مشاركة أفراد من قوات الحشد الشعبي في الانتخابات بـ"الانتحار للعملية السياسية"، إذ لا يملكون الخبرة السياسية الكافية، على حد قوله.

 

 


انتهاكات المليشيات المتكررة
المشهد الأمني في العراق بات واضحاً أن للمليشيات الدور الأبرز فيه، لا سيما بعد اعتراف الحكومة العراقية بأن المليشيات جزء من القوات الأمنية، وهو ما تحقق للمليشيات بعد انضمامها لقوات "الحشد الشعبي". وكانت آخر انتهاكات المليشيات التي وثقتها مقاطع فيديو لمدنيين من أهالي الفلوجة هربوا في أثناء معركة تحرير المدينة، وتم اعتقالهم من قبل المليشيات، انتشرت بعد بثها في وسائل الإعلام، تؤكد الجرائم بحق المدنيين من الرجال. وكشف المعتقلون قيام المليشيات بتعذيبهم وقتل أعداد كبيرة منهم لدواع طائفية، لكن أي إجراء رسمي بحق المليشيات لم يُتخذ.
من جهته، يقول المحلل السياسي علي الصميدعي، إن تحوّل المليشيات من العمل العسكري إلى السياسي ليس وليد اليوم، موضحاً أن الأحزاب والقيادات السياسية الحاكمة في السلطة معظمها تعود جذورها إلى المليشيات. ويضيف أن "وزير النقل السابق، عضو مجلس النواب هادي العامري قيادي مليشياوي سابق كان يحارب إلى جانب الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي في حرب الـ8 سنوات، كما أن المجلس الأعلى الذي يقوده عمار الحكيم ويعتبر من أحزاب السلطة كان من المليشيا".
"
الأحزاب والقيادات السياسية الحاكمة في السلطة معظمها تعود جذورها إلى المليشيات، النائب هادي العامري نموذجاً

"
ويبين الصميدعي أن "ظهور أحزاب جديدة آتية من المليشيات يحقق الكثير لجهات معينة، فهو يساعد إيران في تثبيت ركائزها بشكل أعمق في العراق، وفي الاستحواذ على الأصوات، لا سيما أن شعبية الأحزاب السياسية الشيعية المدعومة من قبل إيران تراجعت كثيراً في الأوساط الشيعية نفسها". ويلفت إلى أن "بقاء الحال كما هو عليه يعني أن الأحزاب الشيعية لن تنال النسبة من الأصوات التي تحقق لها تولي دفة الحكم، لذلك فإن إقحام المليشيات في كيانات حزبية أو قادة المليشيات سيعيد ثقل كفة الشيعة في ميزان الانتخابات".

وسجّلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكثر من 40 كياناً سياسياً تمثل في أغلبها فصائل من "الحشد الشعبي" التي ترغب في المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات مطلع العام المقبل، وكذلك البرلمانية عام 2018.

وحذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، السبت الماضي، من مشاركة مليشيا "الحشد الشعبي" في الانتخابات العراقية المقبلة. وأشار إلى أن هذه المشاركة ستحوّل الحكومة إلى حكومة "مليشيات"، وستكسب أصوات الشعب عن غير وجه حق. ووصف مشاركة أفراد من قوات الحشد الشعبي في الانتخابات بـ"الانتحار للعملية السياسية"، إذ لا يملكون الخبرة السياسية الكافية، على حد قوله.