وعى حزب الله تجربة الامام السيد موسى الصدر وهضم أفكاره واتسع خطابه ليستلهم تعاليم المعلم بحرفة عالية واتقان برز في اللحظة التي فتح فيها حزب الله باب الجنوب على التحرير وحرص يومها على  " لبننة " ما أنجزته المقاومة من استعادة وطن مقطع الأوصال وهوية ممزقة على حواجز الاحتلال من خلال خطاب النصر الذي اكدّ فيه أمين عام حزب الله بلغة صدرية مشاركة الجميع من أهل اليمين في لبنان الى أهل اليسار في خيار بدأه السيد موسى الصدر مذ قدم الى لبنان ونافح من أجل المحرومين وكافح العدو بأسنانه وأظافره  معتبراً المقاومة ضدّ العدو صلاة المؤمن والفريضة الواجبة على كل مسلم إيماناً منه بشرعية القتال والبندقية في الجبهة العربية المفتوحة لاسترداد الأرض والحقوق وكشفاً عن مستقبل قادم للأمة لا محال في ذلك .

كلما أوغل حزب الله في التركيبة اللبنانية اعتمد على أدبيات موسى الصدر فهو انتقل من لا شرعية الكيان الى شرعية الدولة ومن لا شرعية الحاكم غير المسلم الى شرعية الحاكم المسيحي تماماً كما قال الامام الصدر يجب أن يبقى رئيس الجمهورية مسيحياً لأن ذلك يفتح لبنان على العالم وتحولت الكثير من "اللاشرعيات " الى شرعيات ضرورية كونها متعلقة بفقه الواقع وقد كان السيد موسى الصدر فقيه الواقع اللبناني لذا وبعد اعتكاف من قبل الملتزمين بأحكام الاسلام السياسي مشى الاسلاميون على خطوات السيد الصدر خطوة بخطوة وكان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في هذا المجال رائد التجربة الصدرية وصاحب الدور الكبير في فتح كوّة كبيرة في الجدار السميك الذي بناه حزب الدعوة بين السيد موسى الصدر وبين الاسلاميين الشيعة .

قبل السيد حسن كانت تجربة السيد موسى بين مزدوجين مفتوحين على كم كبير من الأسئلة الطاعنة بدور يدور في فلك الشُبهة  "الاسلاموية " وبعده ثمّة إحياء لفكر الصدر ولتجربته في السياسة من دوافع ومنطلقات وطنية عزّز منها فهمه الخاص للدين كحاضن للمشروع الوطني في بعده الاجتماعي واصلاحه السياسي .

واذا تتبعنا التحول في العمل السياسي لحزب الله  نجد سيطرة كاملة لأفكار موسى الصدر وهذا ما ربّح الحزب ما خسّره إياه حزب الدعوة عندما كان ممسكاً بسياسة الحزب ونحن الان أمام مرحلة مستوفية لشروط موسى الصدر وهذا ما أتاح للحزب فرصة الاتساع داخل الشبكات الوطنية والطائفية  بدون مخاوف أو محاذير .

كما أن الانصهار الكلي بماهية موسى الصدر وحّد من وحدة الطريق داخل بنية الطائفة الصدرية وشرّع الأبواب التي كانت مقفلة أمام خطابات غير خاضعة لرقيب الواقع ومنسجمة مع عقلية الدعوة المؤمنة بأسلمة الدولة والمجتمع . كما أن اتضاح نجاح مواقف موسى الصدر قد لعبت دوراً أساسياً في سعي حزب الله الى اعتماد ما اعتمده السيد الصدر في لبنان من أدوار ومن رؤى منفتحة على الحياة .