مهلاً مدينة الأبطال، مدينة الشهداء الأحياء، لست أول مدينة، ولا آخر مدينة يطأ أرضها الطغاة، مهلاً عروسة الثورة، فلن يُلطّخ ثوبك الأبيض خزي الاحتلال، ستعودين كما عادت دمشق وميسلون، ميسلون التي دخلها جنود الجنرال غورو فجر الرابع والعشرين من تموز عام ١٩٢٠، واستشهد في ساحتها وزير الحربية القائد يوسف العظمة، وزحفت بعد ذلك جيوش تتألف من جنود جزائرين وسنغاليين ومراكشيين وإفريقييين وفرنسيين تساندهم الدبابات والمدفعية الثقيلة والطائرات، وفي اليوم التالي احتلّ الجيش الفرنسي مدينة دمشق وسار في شوارعها بشكلٍ استعراضي مهيب، وطلبت الحكومة الفرنسية رسمياً من الملك فيصل مغادرة سوريا، فغادرها إلى حيفا، وسقطت سوريا تحت الوصاية الفرنسية.
لم تهدأ سوريا بعد هذا التاريخ، واندلعت الثورة في كل مكان، وبلغت ذروتها في أحداث الثورة السورية الكبرى عام ١٩٢٥، وقد امتازت بتكامل شبه مثالي على المستوى الترابي، رغم التنوع الجغرافي والتمايزات الاثنية والدينية، وخرجت سوريا في النهاية بمظاهر وحدة ترسّخت وتحقّقت بعد الاستقلال، ستعود داريا إلى سوريا، يوم يعود الداريّون العرب إلى بيوتهم وأرضهم، وستعود سوريا قلب العروبة النابض، سلامٌ داريا من ميسلون إلى دمشق إلى حلب، أمّ المصائب، ومفخرة الثوار.