أولاً وقبل كل شيء هو أن العقل زينة الإنسان، وهو أعظم نعمة على بني البشر،وبه يبني الإنسان حياته في سبيل تحقيق أهدافه وغايته، وأما مقولة "السلاح زينة الرجال" التي قالها الإمام الصدر والتي حملها الكثيرون في كل ميدان الحياة، حتى بات لا يُعرف الإنسان إلا من خلال حمل السلاح بعيداً عن أي عقلٍ وفكرٍ وتطورٍ في العلم والنقد والبناء وما شابه ذلك، فأصبح زينة المرء في مجتمعنا هي القوة التي تهدد الآخر والسلاح الذي بات منتشراً في كل يدٍ وبلدٍ وشارعٍ وبيتٍ، حتى كاد لا يمر يوماً إلاَّ وتسمع بجريمة قتلٍ أو سرقةٍ أو سطوٍ أو تهديدٍ، مع أخذ العلم عندما سُئل الإمام الصدر عن مقصده من هذه العبارة التي قالها بمناسبة إحتفال كبير أقيم في مدينة "صيدا" وهي مناسبة المولد النبوي الشريف،وكانت العبارة مجالاً كبيراً للتساؤل وخصوصاً لأنها تصدر عن رجل دين بحجم السيد موسى الصدر، تبدو وكأنها تشكل تحريضاً مباشراً للناس على حمل السلاح والثورة..! وقِيلَ له أنت رجل دين وتشجع على حمل السلاح،وما زالت عبارتك التي قلتها في وقتٍ سابقٍ راسخة في أذهان الناس،وكنت يا سماحة السيد، كأنك تقف وقتها موقف "هتلر" وفجأة عندما إنفجر الوضع،إعتمدت أسلوب "غاندي" في المقاومة السلمية،وأعلنت صيامك الشهير وشعار "اللاعنف"..الا تعتقد يا سيد أن هناك مسؤولية كانت عليك في الحالتين عندما شجَّعت في الأولى ونهيت عن الثانية..؟ هنا أجاب الإمام الصدر: "السلاح زينة الرجال" ليست كلمة صادرة عني بل هي صادرة عن رسول الإسلام محمد(ص)في تفسيره للآية الكريمة "خذوا زينتكم عند كل مسجد" ولكن السلاح هو الآلة التي تستعمل ضد العدو الإسرائيلي ،وليس ضد المواطن أو الصديق أو الأخ أو الشريك في الوطن...نحن كنا نشاهد أن العدو الإسرائيلي يسرح ويمرح في الجنوب ويدخل إلى القرى على عمق16 كيو مترأ وأكثر (مجدل زون مثلاً) دون أن يكون في هذه القرى أي فدائي واحد. وكان هذا العدو يقتل ويفجر ويأسر في القرى ولا يوجد من يرد عليه.. طالبنا طيلة سنوات بضرورة الدفاع عن الجنوب ،وقمنا بالإضراب الشهير في آيار 1970 مطالبين بعدم إهمال الجنوب وضرورة الدفاع عنه وعن سكانه، وعندما تخلت السلطات اللبنانية عن واجباتها في مجال الدفاع عن الجنوب قلنا: لماذا ننتظر حتى يحتل العدو الإسرائيلي أرضنا ،ثم نشكل فرق المقاومة لإستعادة الأرض المحتلة في جنوب لبنان، فالأفضل أن نستعد منذ الآن ونحمل السلاح ونتصدى للعدو الإسرائيلي قبل تفاقم خطره..؟ هذا ما قصدناه عندما قلت أن السلاح زينة الرجال، أما السلاح في وجه الأخ والمواطن والصديق والشريك فهو مرفوضٌ ،وكما قلت في الإعتصام أن كل رصاصة تطلق على القاع أو دير الأحمر أو شليفا في منطقة بعلبك إنما تطلق على بيتي ومحرابي ومنبري... وأضاف الإمام الصدر: إنني لست مع العنف المطلق كما أنني لست مع الرفق المطلق، بل مع الحق المطلق،وهذا يتطلب العنف أحياناً والرفق أحياناً أخرى، وفي ذلك أقتدي بقادتي الدينيين سيدنا محمد(ص) وعلي والحسين(ع) كما أقتدي بالسيد المسيح(ع) رجل السلام والمحبة،عندما وجد أن المرابين والمحتكرين إتخذوا الهيكل متجراً، لم يعاملهم بالرفق ،بل طردهم بالعنف وقال:"هذا بيت ربي مكان للعبادة وأنتم جعلتموه مغارة للصوص".