يتزايد عدد المتطوعين الغربيين الذين يريدون التوجه إلى العراق للقتال ضد تنظيم "داعش"، وبعضهم كان حتى وقت قريب يخدم في جيش نظامي في الغرب.


المعطيات الدقيقة في هذا الصدد نادرة، لكن الشهادات التي جمعت من رفاق لهم في الجبهة تدل على ما يبدو على أن هؤلاء المتطوعين يبغون الإسراع في الذهاب، مقتنعين بأن تنظيم "داعش" يمكن أن يهزم قريبًا في العراق وسوريا. وفي الواقع خسر التنظيم المتطرف مواقع على الأرض ونحو 45 ألف مقاتل منذ سنتين، بحسب الولايات المتحدة التي تقدر كثير هؤلاء المتطرفين بما بين 15 و30 ألف رجل، وتعتبر أن تنظيم داعش يلقى صعوبة متزايدة في التجنيد والتعويض عن قتلاه.

في المقابل، يبدو المتطوعون على عجلة من أمرهم للانضمام إلى القوات المعادية لتنظيم "داعش"، حتى إن كانت السلطات في بلدانهم تثنيهم بقوة أو حتى تمنع تجنيدهم.

لويس بارك، البالغ 26 عامًا والمتحدر من تكساس، انخرط للمرة الثانية في حزيران الماضي في صفوف قوات مسيحية في العراق. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إنه لاحظ ارتفاعًا كبيرًا للطلبات من جانب متطوعين غربيين محتملين. وأكد بارك الذي خدم سابقًا في قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) وقاتل في أفغانستان، إن "الناس يعلمون أن النهاية باتت قريبة ويحاولون الانضمام إلى المعركة، ما دام أنه لم يفت الأوان".

وقد انخرط بارك في صفوف "دويخ ناوشا" (أي التضحية بالنفس)، وهي مجموعة لمسيحيين آشوريين تتعاون مع قوات البيشمركة الكردية المدعومة من الأميركيين. وتتولى هذه القوات مهمة حماية القرى إلى نحو 30 كيلومترًا إلى شمال الموصل. وأوضح بارك في مقابلة عبر الهاتف في مكان غير بعيد عن خط الجبهة: "أتلقى طلبات للاستعلام من العالم أجمع؛ 60 أو 70 منذ أن عدت".

وتفيد دراسة أخيرة نشرها معهد الحوار الاستراتيجي، وهو مركز دراسات مقره في لندن، بأن أكثر من ثلث الـ300 مقاتل أجنبي ضد تنظيم داعش الذين تابعهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من الأميركيين. أما دوافعهم للانضمام إلى جبهة القتال فهي مختلفة، لكن غالبًا ما تكون مرتبطة بالحاجة إلى فعل شيء ما، وأيضًا بالخيبة لما يعتبرونه ردًا غير كافٍ من قبل المجتمع الدولي على الجرائم التي يرتكبها التنظيم المتطرف.

ولفت تقرير معهد الحوار الاستراتيجي إلى أن "المأخذ الوحيد يتعلق بالفظائع المرتكبة بحق المدنيين، ويتهم عدد كبير منهم (المتطوعين) قادة العالم بصم آذانهم حيال معاناة ضحايا النزاع". وقد ذهب الجندي السابق في "المارينز" إلى العراق، لأنه يشتاق لحماسة القتال، وأيضًا لأنه يريد خدمة القضية.

وقال متطوع آخر ملقب بـ"مايك"، إنه يتلقى نحو 12 رسالة يوميًا من أناس يريدون الانضمام إلى صفوف المقاتلين المعادين لتنظيم داعش. وقبل حتى سنة كان يتوجب انتظار أسبوع لتلقي هذا الكم من الرسائل، بحسب قوله.

لكن تزايد عدد المتطوعين الأجانب الذين يتوجهون إلى كردستان العراق يطرح مشكلة أمام السلطات، التي تنظر بقلق إلى هؤلاء الرجال وعتادهم.

وأضاف "مايك"، وهو جندي نرويجي سابق من أصل كردي في بريد إلكتروني: "إن نصيحتي إلى هؤلاء المتطوعين هي عدم المجيء إلى هنا". وقال هذا المتطوع البالغ من العمر 31 عامًا، محذرًا: "من المرجح جدًا ألا يسمح لهم بالقتال، وسيعودون محبطين ومفلسين". وقال أيضًا إن الحكومة الكردية تواجه ضغطًا هائلاً لمنع المتطوعين الغربيين من الالتحاق بالجبهة. وأوضح: "إنهم يضعونهم غالبًا على خطوط جبهة، حيث لا يحدث شيء، أو في مخيمات، حيث يكونون في أمان ويستطيعون التقاط صور لأنفسهم مع معداتهم وأسلحتهم، لنشرها على صفحاتهم على (فيسبوك)".

وتعج شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا "فيسبوك" و"إنستاغرام"، بصور مقاتلين متطوعين يظهرون أحيانًا جثث جهاديين، أو يروون عن رتابة الحياة على الجبهة. ولبارك و"مايك" عشرات آلاف المتتبعين لحسابيهما على "إنستاغرام". وتأتي معظم طلبات الاستعلام من أميركيين بحسب "مايك"، لكن أتت أيضًا طلبات من جانب أوروبيين وأستراليين، وحتى من إيراني. وقال "مايك": "أتصور ما يقوله الناس إن تنظيم داعش بات منهكًا، ويودون القول لأولئك الذين بقوا في البلاد إنهم حاربوه في ساحة المعركة".

 

 

(الشرق الاوسط)