احتشد رجال الدين الشيعة في دائرة المواجهة للسيّد موسى الصدر من بداية مشروعه النهضوي في وسط طائفة محرومة من كل شيء وقد تعددت وجهات النظر الدينية من حركة السيد الصدر فمنها ما هو متعلق بوظيفة رجل الدين وعدم تدخله بالسياسة وتفرغها للعلم والعبادة وهداية الناس وارشادهم الى الصراط المستقيم طالما أن السياسة فنّ الخداع والكذب وهذا الفنّ محرم من وجهة نظر الاسلام الذي يحرم التعاطي بمواد الكذب الذي بات حلال العاملين في العمل السياسي .
ومن هذه الوجهات النظر ما هو متعلق بموقف المؤسسة الدينية بالسلطة الظالمة وعدم الدخول فيها باعتبار الدخول في الدولة الجائرة والظالمة يعطي الظالم شرعية في ظلمه وهذا الموقف التقليدي للحوزة الدينية مبني على اعتقاد شيعي بأن السلطة من حق الامام المعصوم وطالما أن المعصوم غائب فعلى المنتظرين الانتظار عملاً بالحديث القائل كل راية قبل راية المعصوم هي راية ضلال بمعنى أن العمل في مجال السلطة شأن المعصوم وليس شأن رجال الدين الذين اذا ما عملوا في السياسة فسدوا وأُفسدوا .
لهذا بقيت التجربة الشيعية خارج الدولة كونها ظالمة طالما لا يوجد على رأسها إماماً معصوماً الى أن استهدى البعض من خلال الصيغة الصفوية على فكرة نائب الامام المعصوم أي الفقيه الشيعي" لإصباغ " شرعية ما  على الحكم الصفوي ومنذ ذلك الوقت سُمح لرجال الدين التعاطي في الشأن السياسي من قبل من مالوا الى السلطة من مراجع فتنتهم ضرورات الحكم فأفتوا بجواز الدخول الى الدولة الشيعية كونها دولة المهدي (عج) .
في العودة الى وجهات النظر المعادية للامام الصدر ثمّة مواقف صارمة من قبل الاقطاع الديني الحازم في تكفير السيد سياسياً كونه ابتدع طريقاً شيعياً لم يؤسسه أحد من علماء الشيعة فهو اعترف بالكيان اللبناني كدولة ووطن وهو محل شُبهة شرعية وطالب بإبقاء المسيحي على رأس الجمهورية  وفي هذا دخول في الحرُم الديني كون لا شرعية لكافر على مؤمن والكافر هنا بحسب الفقه الشيعي هو غير المسلم والمؤمن هو المسلم الشيعي الاثني عشري . ولعبت العائلات الدينية دوراً مهماً في محاربة السيدّ موسى الصدر كونها متضررة من مشروعه وهي تقف الى جانب الزعامات السياسية التقليدية والتي فتحت نارها وبقوّة على الامام الذي جاء ليسحب من تحتها بساط السلطة .
قد يكون اجتماع رجال الدين على محاربة ومواجهة وتكفير السيد موسى الصدر علامة نادرة في الوسط الديني اذ قلّ ما اجتمعوا وكثُر ما اختلفوا  لذا كانت وحدتهم وارادتهم المجتمعة على مقاومة الامام الصدر استثناءً دفعهم اليه اجتماع مصالحهم المبعثرة ما بين الدين والسياسة .