أكثر من خمس سنوات مرت على الأزمة السورية والحرب لا زالت مستمرة وهي مرشحة للتفاقم والاستمرار مع عدم وجود مساعي جدية لدى الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة سياسيا او عسكريا في هذه الأزمة ومباشرة أو بالواسطة لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة أراضي الدولة السورية ويصب في مصلحة الشعب الذي يرزح تحت أعباء صراعات عالمية تدور على أراضيه وتهدد الجغرافيا السورية بالتقسيم في ظل تعطيل عمل المنظمات الدولية كمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وعجزها الواضح عن القيام بدورها السياسي والإنساني لوضع حد للكوارث التي تضرب سوريا وتسببت بقتل وجرح عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري وتهجير أكثر من نصفه وتحويلهم إلى لاجئين في دول الجوار وفي أوروبا والاميركيتين عدا الدمار الذي ضرب معظم المدن السورية وأكثرها حيوية وعراقة في التاريخ وخصوصا المناطق الأثرية. وكل ذلك يجري وكأن سوريا من كوكب آخر وليست من هذا الكوكب وأن شعبها لا ينتمي إلى جنسنا البشري. 
فكل الدول المتورطة في الأزمة السورية تتحدث عن حلول سياسية للأزمة. والبعض يرغب جديا في انهائها للحد من الخسائر المادية والبشرية التي يتكبدها. إلا أن كل دولة من هذه الدول تطرح الحل الذي يضمن مصالحها ويعطيها مساحة أوسع للتحكم بصناعة مستقبل سوريا ودورها الموعود في لعبة التوازنات ومدى تأثيرها في نظام الشرق أوسط الجديد الذي كشفت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس في تسعينيات القرن الماضي عندما زفت للعالم العربي بشرى الفوضى الخلاقة وتمت ترجمتها بما أطلق عليه الربيع العربي الذي اجتاح معظم الدول العربية ذات التأثير الوازن في منطقة الشرق الأوسط سياسيا وعسكريا وامنيا. فمن تونس إلى سوريا مرورا بمصر وليبيا واليمن إضافة إلى العراق الجريح الذي مزقته الصراعات المذهبية والاطماع الخارجية مع ما يتعرض له لبنان من انهيارات في مؤسساته الدستورية وغياب شرعية الدولة لمصلحة دويلات الميليشيات التي تفرض واقعا شاذا من اللاستقرار واللاحرب بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في سوريا. 
وفي ما بدا لدى بعض الجهات السياسية والصحافية تراجعا للدور الأميركي في تشعبات الأزمة السورية ونكسة واضحة لمكانة الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط من خلال الحدث الأبرز وهو انطلاق القاذفات الإستراتيجية الروسية من قاعدة همدان الجوية الإيرانية لقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية في محيط مدينة حلب ومناطق أخرى دون رد فعل حاسم من جانب الإدارة الأميركية وما يعني ذلك من تعاظم لدور روسيا في المنطقة وما قد يستتبعه من إقامة تحالف روسي - إيراني مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد دون أن يكون هناك استعداد او رغبة لدى إدارة الرئيس أوباما لردع هذا التحالف. إلا أن ذلك كله لا يعني ابدا أن التطورات العسكرية والسياسية المتصلة بالميدان السوري وحتى في أدق التفاصيل هو خارج الحسابات الأميركية وخارج دوائر صناعة القرارات والدبلوماسية. 
فواشنطن هي التي تملك مفاتيح الحل للأزمة السورية. وحتى اللحظة لم تتوفر لدى الإدارة الأميركية أي رغبة بإنهاء مأساة الشعب السوري. وأي حل لا يمكن أن يأخذ طريقه إلى التنفيذ دون موافقتها. إذ أن الولايات المتحدة الأميركية وحليفتها إسرائيل هما المستفيدتان الوحيدتان من النزيف السوري. وعليه فإن الإدارة الأميركية لا تسمح بإنهاء المعارضة السورية المسلحة كما لا توفر لها الدعم الكامل لانتصارها بل تحرص على لعبة توازنات القوى العسكرية. 
فالمأساة السورية لا تنتهي بالتمنيات والتصريحات واللقاءات والمؤتمرات بل بقرار دولي لا زال تحت قبعة الكاوبوي الأميركي.