الحضور القوي والمدوي لموضوع حلب وآخر المستجدات الميدانية فيها، كان هو الفقرة الأهم في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وذلك عبر تجاهله لذكرها نهائيا بمهرجان النصر الذي أقيم في بلدة بنت جبيل الجنوبية، لأنه وعلى عكس كل من حلل الخطاب المذكور فإن تغييب تناول أحداث حلب وتجنب الخوض في أسباب التراجعات وتقهقر جيش بشار وحلفائه أمام المسلحين كان هو أبلغ ما جاء بتلك الكلمة. 
أما الحضور الثاني في الخطاب والذي لم يقل أهمية عن الأول بسبب الترابط الموضوعي بينهما، فهو الحديث عن مستقبل جبهة جنوب لبنان وما سوف تؤول إليه الأمور الآن وبالقادم من الأيام، وهذا ما اختصرته الفقرة التي سيقت عن لسان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو : "حديث نتنياهو قبل أيام ،عندما أتى ليتكلم عن معادلة الهدوء في مقابل الهدوء، مع من؟ مع جهة هو يعلم بأنها تزداد قوة وتدريباً وتسليحاً و”مش تاركه”، يتكلم عن هدوء في مقابل هدوء مع لبنان الذي ليس معه معاهدة سلام ولا التزامات ولا مكاسب ولا ترتيبات أمنية، من أين أتت هذه المعادلة؟ من الإقرار الإسرائيلي الواضح والقاطع بمعادلة الردع المتبادلة التي كرستها نتائج حرب تموز" 
ومن المسلّم به أن الإتيان على ذكر هذه المعادلة الجديدة (الهدوء مقابل الهدوء) بدون أي تعليق عليها أو رفضها بشكل واضح، إنما يتضمن أكثر من مجرد رسالة بالموافقة، ولكن تبني لها والعمل وفقها، وهذا أيضا ما يؤكده الواقع العملي منذ الإقرار بالإتفاق الدولي 1701 الذي نتج عن حرب ال 2006 .
والجدير ذكره في هذا السياق وبعد التحول الكبير الذي صار عليه حزب الله من زاحف إلى القدس ورافض لأي نوع من الإعتراف ولو بشكل غير مباشر بالحدود مع العدو الصهيوني الغاشم، إلى متبني لنظرية "الهدوء مقابل الهدوء" .
الجدير ذكره أن أكبر إشكالية فكرية كان يتهم بها الإمام الصدر وحركة أمل من قِبل أنصار الخمينية الثورية حينها إنما كانت مطالبة الإمام بتنفيذ القرار 425 القاضي بالإنسحاب الإسرائيلي إلى الحدود الدولية، أو مطالبة الإمام المغيب بالعودة إلى إتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل والموقعة في 3 اذار 1948 أي منذ 68 عام ، والمراد من تلك الإتفاقية إنما هو معادلة " الهدوء مقابل الهدوء " فقط لا غير .
فإنّ ما كان يخوّن لأجله الإمام الصدر وبعده الرئيس بري وحركة أمل ، واتهامهم بالإعتراف الضمني للحدود الدولية مع الكيان الغاصب، واعتبار هذا " الإعتراف " هو من المحرمات الكبرى التي قد تصل إلى حدّ الخيانة العظمى التي يعاقب مرتكبها بالتغييب أو القتل، 
لا بأس أن تفرض الموضوعية السياسية على السيد نصرالله العودة إلى أدبيات الإمام الصدر وأن تحلّل (حلال) له ما كان محرماً على غيره، يبقى أن الإمام الصدر الذي رفض ويرفض "ان يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألماً " وأن اعتبار " القضية الفلسطينية هي قضية الأمة" فلا يجوز تحميل مسؤولية تحريرها على أكتاف أهل الجنوب، ومطالبته بتسكير الجبهة اللبنانية مع العدو بوصفها الجبهة الوحيدة المفتوحة معه فيما باقي الجبهات مقفلة من قبل الأنظمة العربية الممانعة منها والمتخاذلة ( لا أدري ما هو الفرق بينهما )!
ليبقى بعد ذلك أنّ الفارق الشاسع بين "حرام" الإمام الصدر كان في سبيل خدمة لبنان ودولة لبنان والمؤسسات الرسمية في لبنان بينما "حلال" السيد نصرالله وان كان ينعم به أهل الجنوب من طمأنينة وهدوء كما جاء بالخطاب المذكور، لكن هذا "الحلال" لا يكرس لنفس الأسباب بل على العكس تماماً فهو يساهم بشكل كبير بتدمير ما تبقى من هذا "الوطن النهائي لجميع أبنائه" الذي أراده الإمام الصدر، فهل سوف ننتظر 68 عاماً إضافياً حتى يقتنع السيد نصرالله وحزبه بما كان يقوله الإمام الصدر عن "الوحدة الوطنية كأهم وجه من وجوه المقاومة لإسرائيل"، وبأن السلاح الشرعي الوحيد يجب أن يكون سلاح الجيش اللبناني والقوى الرسمية ؟؟ أعتقد ذلك .