اقترح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خريطة طريق للحل السياسي في سوريا تقوم على ثلاثة محاور قائلا إن الحل في سوريا اقترب. وحدد يلدريم في لقاء مع صحيفة "قرار" التركية نشرته، أمس الاثنين، ثلاث خطوات في إطار الخطة المقترحة تتمثل في حماية الحدود وعدم السماح بإقامة دولة يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وعودة اللاجئين المقيمين في دول الجوار إلى بلدهم بعد تحقيق الحل النهائي.


وأوضح يلدريم أن الحل يرتكز على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وبالتالي فإنه لا يمكن أن يتم الحديث عن إقامة دولة قوية في سوريا في ظل وجود حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا.

وتصنف تركيا حزب الاتحاد الديمقراطي، وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية، كتنظيمين إرهابيين وتعتبرهما امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني.

وأوضح يلدريم أنه في المرحلة الجديدة لن يتم إنشاء دولة تستند على سيادة أحد المكونات المذهبية أو العرقية أو الإقليمية. بمعنى أنه سيتم تأسيس دولة ستقضي على الأعمال الدموية التي تشهدها سوريا في الوقت الراهن. وقال: "إنه متى تشكلت في سوريا دولة لا تستند إلى مذهب معين، فهذا يعني أن الأسد لن يكون له وجود في مستقبل سوريا".

وسبق أن أكدت مصادر دبلوماسية لـ"الشرق الأوسط"، أن "تركيا لن تقبل بوجود الأسد أو تقيم علاقات معه، وإنما قد تقبل باستمراره في مرحلة انتقالية قصيرة". لكن التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الأتراك في الفترة الأخيرة والتقارب مع موسكو وطهران الداعمتين للنظام السوري أوحت بأن هناك توجها للانفتاح على النظام السوري، فيما ألقت تصريحات يلدريم في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية، السبت، حول انتظار مفاجأة في الملف السوري، ستارا من الغموض حول موقف أنقرة في المرحلة المقبلة.

ودفعت هذه التصريحات بالكثير من المحللين إلى توقع حدوث اختراق في العلاقات بين أنقرة والنظام السوري في ظل الحديث عن وحدة سوريا والتأكيد عليها، على اعتبار أن دعمه في مواجهة فصائل المعارضة والتيارات الانفصالية سيدعم وحدة سوريا كما كانت عليه قبل الأزمة.

لكن يلدريم حسم الجدل حول الصيغة التي ستتعامل بها تركيا مع الأزمة السورية في المرحلة المقبلة، وأكد أن بلاده ستعمل على تخطي المشاكل بالتعاون مع الدول المحورية في المنطقة. وأشار إلى أنه يجب على تركيا الاستفادة في سياستها الخارجية تجاه الملف السوري من التحسن الذي سجلته في علاقاتها مع روسيا وإسرائيل.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زار أنقرة الجمعة، وأجرى مباحثات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو والتقى الرئيس رجب طيب إردوغان إلى جانب لقائه رئيس الوزراء بن علي يلدريم.

واستحوذ الملف السوري على جانب كبير من مباحثات ظريف في أنقرة إلى جانب التعاون في مكافحة الإرهاب والعلاقات الثنائية مع تركيا، وجاءت زيارته بدعوة من نظيره التركي بعد 3 أيام فقط من زيارة إردوغان لروسيا ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ شمال روسيا، والذي بدأ بعده مباشرة التحرك الفوري لإنشاء آلية ثلاثية من جيشي البلدين وجهازي المخابرات ووزارتي الخارجية للتنسيق بشأن سوريا، وأعلنت أنقرة استعدادها للقيام بعمليات عسكرية ضد "داعش" في سوريا بالتنسيق مع موسكو.

وركز الرئيس التركي في مباحثاته مع نظيره الروسي على مسألة الدعم الذي تقدمه روسيا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، لافتا إلى أن موسكو فتحت له ممثلية، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن موسكو أبدت تفهما للموقف التركي في هذا الصدد.

وانعكس التفهم الروسي في إغلاق ممثلية الاتحاد الوطني الديمقراطي، مقابل إغلاق تركيا معبر باب الهوى على الحدود مع سوريا والذي ترى روسيا أنه كان يستخدم لعبور الأسلحة والمتشددين إلى إدلب شمال سوريا.

في السياق نفسه، حث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الولايات المتحدة على الوفاء بوعودها بشأن انسحاب عناصر الحزب الديمقراطي المنضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية من مدينة منبج، شمالي سوريا بعد أن تم تحريرها من قبضة تنظيم "داعش".

وقال جاويش أوغلو عقب زيارة قام بها أمس لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو في مقر الحزب بالعاصمة أنقرة: "هناك وعود قطعتها الولايات المتحدة ورئيسها أوباما بشأن انسحاب عناصر الحزب المنضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية من منبج إلى شرقي نهر الفرات عقب انتهاء العمليات، وننتظر من الولايات المتحدة أن تفي بوعدها، ونواصل اتصالاتنا بهذا الخصوص".

(الشرق الأوسط)