هنا في محلّة العمروسيّة في الضاحية الجنوبيّة، وليس في شوارع حلب، رجلٌ وامرأة ممدّدان على الأرض وقد مزّقت جسد الأوّل 7 طلقات ناريّة، فيما اخترقت بضع رصاصات وشظايا جسم حماته. الدماء تسيل بغزارة من الضحيتين، تحيط بهما "فضلات المعركة"، 19 قذيفة عيار 7,62 ملم فارغة وحفر أحدثها إطلاق النار الكثيف.

العناصر الأمنية والأدلة الجنائية غطّت المكان، مَسح مسرح الجريمة أنجز والتحقيقات بدأت.. المغدور مصري الجنسية يدعى "مسعود حماد".. المرأة الممدّة إلى جانبه هي حماته "منى سليم" التي أنقذتها العناية الإلهية بأعجوبة لتروي للمحقّقين ما حدث:

يوم الحادث، حوالي الساعة السادسة مساء، حضر صهرها المغدور إلى محلّها الذي يقع قرب مطعم سناك، لمساعدتها كالعادة في إغلاق بابه الجرّار، حين شاهدت جارها في محل السناك "عبد الأمير. م" (فلسطيني) ينظر إلى مسعود بنظرات فيها الكثير من الاستفزاز، فقال له الأخير "على شو عم تجقر يا أخو الـ... بس تشوفني بدّك توطّي راسك"، فردّ عليه "عبد الأمير" بكلمات نابية وبنبرة عالية، وما هي إلا ثوانٍ حتى خرج الشقيق الأوسط لعبد الأمير من المطعم، شاهراً سكين الشاورما وطعن بها صهرها في صدره فسقط أرضاً، ثم أسرع الشقيق الثاني الأصغر سنّاً "حسين" إلى داخل المحل وأخرج بندقية كلاشنكوف وأخذ يُطلق النار باتجاه صهرها، ولما صارت يداه ترتجفان انتزع شقيقه الأوسط "أحمد" منه البندقيّة وتابع إطلاق النار، وكان عبد الأمير أيضاً أحضر أيضاً بندقيّة ثانية من داخل المطعم وأخذ يُطلق النار على زوج ابنتها، فأصيب إصابات قاتلة كما أصيبت هي بعدة جروح في أنحاء مختلفة من جسمها.

تروي الحماة سبب الإشكال فتقول: "قبل 20 يوماً من الحادث، أبلغت ابنتي نسرين البالغة من العمر 24 عاما، زوجها مسعود، أنّ "عبد الأمير" الذي يعمل لدى والده "حسن. م" في المطعم يتصل بها هاتفيّاً، ويغازلها بكلام الحبّ والغرام ويُحاول التقرّب منها ويحرضها على زوجها الذي يغار عليها، فانفعل الأخير وقصد المطعم وقام بضرب عبد الأمير وطلب من والده حينها أن يُبعد ابنه عن المحلّ كونه لا يحتمل رؤيته بعدما أخبرته زوجته أنّه يحاول إغراءها واستدراجها إلى علاقة غرامية، وبالفعل أبعد الوالد إبنه عن المطعم لمدّة يومين ليعيده إليه بعد أن سامحه مسعود على فعلته".

وأفاد "خليل" أنّه يملك المطعم مناصفة مع زوجة قريبه "حسن.م" والد كل من "عبد الأمير" و"علي" و"أحمد" و"حسين" وآخرين، وأنّ هؤلاء كانوا يُديرون المطعم، وأكّد ما ورد على لسان حماة المغدور، مشيرا إلى أنّه لم يشاهد شقيقي الجاني القاصرين "أحمد" و"حسين" يطلقان النار علماً أنّهما كانا موجودين أثناء الحادث.

بدوره نفى "حسين" إطلاقه النار على "مسعود" مؤكّداً أنّ من أطلق النار هو شقيقه الأكبر "عبد الأمير"، إلاّ أنّ تقرير الأدلة الجنائية جزم أنّ إطلاق النار جاء من قطعتي سلاح وليس من سلاح واحد.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي هنري الخوري، التي حكمت سابقا على الشقيقين "عبد الأمير" و"أحمد" بالصورة الوجاهيّة، وغيابيا على "حسين"، جرّمت وبعد عشر سنوات على وقوع الحادث في حكم أصدرته بالإجماع، المتهم القاصر "حسين" بجرم محاولة القتل (547/201)، بعدما ثبت لها أنّ الأخير أطلق النار فعلا من البندقية إلا أنّ يداه ارتجفت وعمد شقيقه الأوسط " أحمد" على سحبها منه ومتابعة إطلاق النار مع "عبد الأمير" فقتلا المغدور على الفور، وتمت احالت المتهم أمام المحكمة الناظرة بقضايا الأحداث بعد ما ألزمته بأن يدفع لزوجة المغدور مبلغ 10 ملايين ليرة بدل عطلٍ وضرر وأعلنت سقوط الحكم الغيابي بحقّه نظرا لتوقيفه.

لبنان 24