في الملعب السياسي على الساحة الداخلية اللبنانية يمكن أن تجد لاعبين يتقنون كافة الفنون في اختصاصات الدجل والنفاق والافك والبهتان والافتراء والرياء والصفقات المشبوهة والاتهامات الباطلة والعشوائية والمتاجرة بحبة الدواء والسمسرات وسلب لقمة المواطن والادعاء بالمواطنة وتجاوز الدستور والقفز فوق القوانين والوصولية والضرب بسيف السلطان وتعطيل المؤسسات والمراءات والسرقات وتغطية المخلين بأمن البلد والانتهاكات لحقوق الإنسان والاستهتار بالقيم الأخلاقية الرفيعة والولاء للزعيم وليس للوطن وتحفيز المصالح الخاصة على حساب مصلحة البلد وتكريس الطائفية والشحن المذهبي وإلغاء الآخر والتراشق الإعلامي والإصرار على الفراغ الرئاسي وهدر المال العام والفساد والرشاوى وتقاسم مغانم الدولة وضرب هيبة المؤسسات الأمنية والعسكرية والدينية ووضع العصي في عجلة الاقتصاد الوطني والتلاعب على الألفاظ لتحريك مشاعر الحقد والهيمنة على مقدرات وموارد البلد والاستغلال والاحتكار والاحتقار والاستحمار إلى آخر مسلسل الموبقات والاباطيل والرذائل. والذي يجمع بينها جميعا فن الكذب. فهو القاسم المشترك بين كافة هذه الفنون والذي يعتبر تأشيرة الدخول إلى حلبة الصراع السياسي على الساحة اللبنانية. 
أما الغائب الأكبر فهو الحقيقة. فهي مغيبة عن الخطاب السياسي اللبناني. ولا وجود لها في قاموس الطغمة السياسية الحاكمة والمتسلطة على البلد. وغائبة عن جلسات المجلس النيابي وخصوصا تلك المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد فراغ رئاسي قارب السنتين وثلاث شهور. وغائبة عن جلسات مجلس الوزراء بما فيها جلسات مناقشة مشاكل الناس وهمومهم ومطالبهم. وكذلك فإن طاولة الحوار أكثر ما تفتقده هو الحقيقة خلال جلسات المتحاورين المخصصة للتوافق على القضايا المصيرية التي تهم البلد. 
وإذا كانت السياسة وكما عرفها الفيلسوف اليوناني سقراط بأنها فن الحكم. والسياسي هو الذي يعرف فن الحكم. وعرف افلاطون السياسة بأنها فن تربية الأفراد في حياة جماعية مشتركة وهي العنايه بشؤون الجماعة او فن حكم الأفراد برضاهم. والسياسي هو الذي يعرف هذا الفن. إلا أن السياسة في لبنان تنقصها الحقيقة والصدق والشفافية وتطغى عليها السفاهة والوقاحة والخساسة التي تقوم على سيرة الكذب والتكاذب والنفاق والخداع واستخدام كافة الاساليب العنيفة والوسائل الغير مشروعة للوصول إلى الحكم والتمسك به والتربع على مواقع السلطة ومفاصل القرار لوضع اليد على مقدرات البلد وفتح الثغرات لتسهل بذلك عمليات السلب والنهب للمال العام. 
وبالتالي فإن رجال السياسة في لبنان هم حفنة من العملاء لمشاريع خارجية تجلببوا بثوب السياسة وتبادلوا الادوار في المشهد السياسي على مدى عقود من الزمن وهم أنفسهم كانوا بالأمس القريب وخلال الحرب الأهلية يقبعون في المتاريس وتحولوا من أمراء الحرب والميليشيات إلى رؤوساء ونواب ووزراء ومسؤولين. فاتخذوا من المؤسسات الدستورية والشرعية والقوانين متاريس للتراشق والاتهامات تحت ستار الديمقراطية مستخفين بعقول الناس و مستغلين فقرهم وحاجتهم للحدود الدنيا من مقومات الحياة للكذب عليهم بعد حجب الحقيقة عنهم. 
وبذلك فالسياسة في بلدي ليست فن الحكم وإنما فن المكر والخداع والاحتيال على الجمهور وتغييب الحقيقة عن الشعب. 
ولئن غابت الحقيقة عن مفردات لغة رجال السياسة وثفافتهم. لكنهم لن يتمكنوا من تغييبها من القاموس الشعبي ومن لغة الناس. ويحضرني وصف إنكليزي للسياسة يشير إلى أن السياسة لغز لا يفهمه عامة الناس وعندما يفهمونه فالويل للسياسيين .