بطلٌ من ابطال الدفاع المدني خسر حياته في الامس بعد أداء مهمة إطفاء حريق في منطقة صوفر- شارون. في غفلة انطفأ عداد عمره ورحل، هو الشاب المقدام الذي كرّس حياته لخدمة الناس، من دون ان تكرّس دولته من وقتها لتثبِّته وزملاءه رغم صرخات الوجع التي اطلقوها. هو عاصم بو رافع الذي ارتفعت روحه الى السماء قبل ان يكمل السادسة والثلاثين من عمره.

72 ساعة متتالية خدم فيها عاصم، حيث اخمد الحرائق في المنطقة، قبل ان يؤدي مهمته الاخيرة عند الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة الفائت. وعن ذلك يشرح رئيس مركز الدفاع المدني في صوفر طلال طربيه انه "عند الساعة الحادية عشرة انتهينا من اطفاء حريق نفايات ودواليب واعشاب في منطقة شارون-صوفر، شعر رافع بضيق تنفس، فطلبنا نقله الى المستشفى، لكنّه رفض وأصرّ على الذهاب الى المنزل لأخذ قسط من الراحة على ان يعود الى المركز، لكن للاسف كان الموت اسرع، إذ خطفه من بيننا وابتعد". واضاف "خسرنا بطلاً تعرض كزملائه خلال خدمته 16 عاماً في الدفاع المدني لشتى انواع المخاطر من قصف الطيران والحرائق، ومع هذا كان دائم التواجد في قلب اي حدث للقيام بواجبه".
صدمة الرحيل
بعد ان وصل عاصم الى منزله خلع جاكيته العسكرية، وجلس على الكنبه، وطلب من ابنه عصام(17 سنة) ان يوقظه بعد ساعة في حال اخذه النوم، من دون ان يتوقع انه لن يتمكن من الاستيقاظ بعدها، وانها المرة الاخيرة التي سيغمض فيها عينيه، ويرحل تاركاً ولديه، وزملاء تقاسم واياهم المهمات والمخاطر، الضحكات والالم. زميله رفعت الصايغ تحدث بغصة عن رفيق دربه "امضيت الايام الثلاثة الاخيرة معه في الخدمة، قبل ان يودّعني ورئيس المركز وينطلق، كان يشعر بألم في الصدر نتيجة غاز الكربون الذي تنشقه من الحرائق، لكنه اعتقد ان ذلك عارض بسيط وبعد الاستحمام سيعاود نشاطه، لا كلام يكفي للتعبير عما نشعر به، فعلا صدم الجميع برحيله".
"ابو الهمم"
ابن الهلالية ، هو "ابو الهمم" كما يطلق عليه زملاؤه، التحق في صفوف الدفاع المدني اواخر العام 1998 في مركز عاليه قبل ان ينتقل عام 2005 الى مركز صوفر، زميله جوني اسمر قال عنه "بطل، صديق الكبير والصغير، لا يترك نداء استغاثة من دون تلبيته في اي وقت كان، لا يقول كلمة كلا لأحد، ولا ينطق الا بالكلمة الحسنة، يرفض ان يتناول الطعام قبل ان يجمع كل الزملاء، رحيله خسارة للدفاع المدني ولبنان". وأـضاف "اعتاد على مهاتفتي صباح كل يوم، لكن للاسف في يوم استشهاده لم يتصل بي، لكن فجر ذلك اليوم ارسل لي رسالة صوتية، طلب مني ان أكلمه لامر ضروري، انشغلت ولم أحدثه، وبقيت حرقة في قلبي انه رحل قبل ان اعلم ماذا كان يريد مني".
" مسيرة عاصم بو رافع"
"عاصم، عقل رجل، قلب طفل شريك درب، دائماً على الارض في اي حريق، لا حدود لاندفاعه، كان حلمه ان يتحقق مشروع تثبيت متطوعي الدفاع المدني"، بحسب ما قاله زميله يوسف الملاح الذي اضاف "ربح عاصم برحيله فقد اعطانا دافعا اكثر لنحقق حلمه وحلم زملائه وان نكمل الطريق الذي بدأه"، واضاف "تحرك الدفاع المدني منذ اسبوع في ساحة الشهداء للمطالبة بتثبيتهم، وتم تغيير اسم الاعتصام الى "مسيرة عاصم أ بو رافع" علّهم يصلون الى حيث ارادوا الوصول!"
ظهر اليوم اقيمت مراسم تشييع بو رافع في بلدة عيناب حيث سكن، ووري في ثرى مسقط رأسه، قبل ان يحقق حلمه!

المصدر: "النهار"