لم يعد طقس لبنان معتدلا" كما كان واردا" في كتب الجغرافيا التي درسناها، فالحر الشديد، ودرجات الحرارة التي لم يسبق أن بلغت ما تبلغه اليوم يزيلان عن طقس لبنان صفة المعتدل، ويحولانه ربما إلى طقس حار نسبيا" نسبة لباقي الدول العربية ذات الطبيعة الصحراوية. ما هي العوامل التي ساهمت في تغير الطقس في لبنان؟ وهل من الممكن أن ترتفع درجات الحرارة أكثر في الأعوام القادمة؟ وهل ما زال بالإمكان وصف طقس لبنان بأنه معتدل؟ وهل هناك سبل لعودة الطقس إلى حالته السابقة؟ خبير الأرصاد الجوية مارك دهيبي أجاب موقعنا عن هذه الأسئلة.
" بداية، أود أن أؤكد أن الطقس في لبنان ما زال معتدلا". هناك فرق كبير بين الحرارة العادية، والحرارة المحسوسة. نحن نقيس الحرارة العادية بواسطة ميزان حرارة، نضعه في الظل، في علبة مفتوحة، تتعرض للتهوئة، وليس في مكان متعرض لأشعة الشمس، والحرارة التي يقيسها هي حرارة الجو. عندما تكون رطوبة الطقس خفيفة، بين 30 و 40 %، لا يشعر الإنسان في هذه الحالة لا بالإزعاج، ولا بالحر، أما في حال كانت الرطوبة بين 80 و90 % مع درجة حرارة ضمن 30 و 32 درجة، عندها يشعر الإنسان باختناق وعبقة، ويشعر بأن الحرارة تفوق ذلك بكثير. في البقاع، تبلغ الحرارة أحيانا" أكثر من 40 درجة، وبالرغم من ذلك لا نشعر بالحر والإختناق لأن الرطوبة منخفضة، بينما في بيروت إن كانت الحراراة 32 درجة، والرطوبة ما بين 80 و 90%، نشعر بالحر الشديد ونعاني من التعرق. هذا بسبب عامل الرطوبة الذي أضيف إلى الحرارة. الحرارة المحسوسة (التي يتخيلها الإنسان) هي حرارة الطقس العادية زائد نسبة الرطوبة الموجودة زائد الهواء إن وجد. إذا" عنما نتكلم عن الرطوبة المحسوسة، نأخذ بعين الإعتبار: الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح. ما ذكر في الإعلام عن بلوغ الحرارة 45 درجة، قصد به الحرارة المحسوسة. اليوم، نشعر بأن فصل الصيف أكثر حرارة من الفصول السابقة، بسبب ارتفاع نسبة العمران، وتقلص المساحات الخضراء خاصة في الساحل، حيث كانت بساتين الموز والليمون في الماضي منتشرة بكشل كبير، فيما انتشر العمران اليوم وتقلصت المساحات الخضراء. الباطون والزفت الذي يغطي الطرقات أيضا" يمتصان حرارة الشمس ويزيدان شعور الإنسان بالحر إن كان متواجدا" على الطرقات بسبب الرطوبة، ولكن الكتل الهوائية لم تتغير بشكل كبير".
ولدى سؤالنا وهيبي عن إمكانية عودة الطقس كما كان في السابق أجاب: " إن أردنا ذلك، يجب تقليص النمو العمراني والزفت، وزيادة المساحات الخضراء ليس في الساحل فقط، بل في كل المناطق. هناك أشخاص يزرعون أسطح المباني التي يقطنون فيها مزروعات خضراء، بحيث تمتص النباتات أشعة الشمس لتصنع منها أوراق خضراء، وبالتالي تخف نسبة الحرارة التي يشعرون بها.