تأتي أزمة وتذهب أزمة، وتبقى أزمة ثابتة تعاصر كل التطورات والأزمات وتأبى الذهاب، هي الكهرباء في لبنان.
في الشتاء لا كهرباء بسبب الأعطال والطقس العاصف كما يقولون وفي الصيف لا كهرباء بسبب الضغط على الشبكة مما يتسبب بأعطال وتصبح رؤية الكهرباء من الأمور النادرة خلال أشهر الصيف الثلاثة ، وكل عام يكون الوضع إلى أسوأ.
تستمر أزمة الكهرباء والتقنين الكهربائي القاسي، ما ينعكس سلبًا على حياة المواطنين اليومية والحركة الإقتصادية والتجارية، وما يفرض على المشتركين دفع فاتورتين: الأولى للدولة والثانية لمولدات الكهرباء. 
والمطلوب لمعالجة هذه المشكلة تأمين الإستقرار السياسي والأمني والإنسجام الحكومي والخطة المدروسة وإستمراريتها وتطبيقها، وتوفير الأموال اللازمة لتقوية الطاقة الكهربائية المنتجة وزيادتها، ومنع التعديات والسرقات.
ففي العام 2015 خرج وعد الى اللبنانيين بكهرباء 24 على 24 ساعة، مرّ العام 2015 وسينقضي العام 2016 والحلم ليس ب24 ساعة بل نصف هذه الساعات بات حلمًا، وتطبيق الخطة الكهربائية واجه مجددًا الخلافات السياسية فوضعت في الأدراج.
ومن أسباب مشكلة التقنين وتفاقمها:
العجز المالي في مؤسسة كهرباء لبنان، والنقص الكبير في المحطات وخطوط النقل والتوزيع، والأعطال المستمرة في معامل الإنتاج، والتعديات على الشبكات وسرقة التيار وتراجع الجباية، والأضرار التي أصابت الشبكة نتيجة أحداث عسكرية وأمنية، وزيادة الطلب على الإستهلاك دون توفر خطط لتوفير المزيد من الكهرباء، والنقص الكبير في الجهاز البشري العامل في المؤسسة، ومشكلة المياومين، إضافةً إلى ذلك قدرة معامل الإنتاج الحالية لا تتناسب مع زيادة الطلب بسبب التوسع العمراني والنمو السكاني في المناطق اللبنانية، كافة
فقبل عام 1975 كانت التغذية بالتيار الكهربائي في لبنان 24/24، وكان لبنان يبيع الكهرباء لسوريا، فيما يأخذ لبنان اليوم، الكهرباء من سوريا.
من هنا إن مشكلة الكهرباء المزمنة هذه، لا يتحمل مسؤوليتها وزير طاقة واحد أو حكومة واحدة، بل هي من مسؤولية الحكومات المتعاقبة والوزراء الذين حملوا حقيبة الطاقة والمياه.
ولا يسعنا سوى أن نسأل سياسيي لبنان إلى متى تستمر هذه الأزمة الفضيحة وهل من المعقول أن لبنان الذي كان قبل الحرب يؤمن كهرباء 24 على 24 ويصدر الكهرباء يصبح رغم ما يقارب ثلاثين عامًا على إنتهاء الحرب أقرب إلى العتمة الكاملة ومن المسؤول عن ذلك؟
ولماذا تهدر كل الأموال هذه دون نتيجة فعلية فيبقى المواطن وأصحاب المصالح في معاناة دائمة في خدمة هي من البديهيات وتتوفر في أقاصي البلاد المتخلفة ولا تتوفر في لبنان؟!