بلغ الارهاب مداه الدولي رغم التدابير الأمنية والعسكرية المتخذة  في الدول المستهدفة من قبل التنظيمات ذات الاتجاه الجهادي ورغم الحروب التي يخوضها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا وليبيا فبعد فرنسا زار الارهاب ألمانيا ولم تنكشف حتى الآن هوية المنفذ الارهابي الذي خاض معركته مع أناس أبرياء ليهزّ الأمن الألماني بطريقة فرضت على الألمان إعادة النظر في التسهيلات القانونية للاجئين والمقيمين فيها لدواع أمنية من شعوب العالم الثالث الهاربين من جوع قارتهم وبأس أنظمتهم الى ربوع الحريات التي أتاحت للجهاديين فرص الاستهداف لهذه الدول التي تأويهم باعتبارها بلاد كفر .


حتى اللحظة لا تتحرك الدول المستهدفة الى فعل سوي لوضع حد لظواهر الارهاب وكأنها ترتضي الارهاب لغيرها وتتوقاه هي لذا تكتفي بتدابير غير جذرية دون المساس بسياسات معطلة لأدوات الارهاب  لأنها تضمر ابقاء الارهاب ظاهرة مسيطرة في العالمين العربي والاسلامي ليقين منها بأن إرهاب الشرق خدمة لمصالح الغرب .


لا تشجع الولايات المتحدة خصوصاً على تنامي ظواهر الاعتدال في منطقة الشرق الأوسط وغذي باستمرار قوى التطرف ولا تتحرك لفعل شيء جدي لوضع حدّ لهذا الجنون السائد الآن في البيئة الأوسطية بتصحيح المسار السلطوي بتدعيم جبهات الاصلاح السياسي والتخلي كلياً عن  الأنظمة المستبدة التي رعتها وحمتها ومازالت تقف سدّاً منيعاً بوجه موجات الربيع العربي التي أرادت الخلاص من هذه السلطويات والوصول الى صيغ سلطوية شرعية .


من هنا استعصت الأزمة السورية وحربها على الربيع العربي وباتت جبهة مفتوحة على مصالح اقليمية ودولية وبأبعاد مذهبية وطائفية صدّعت من بنية المجتمع العربي لصالح هويات فاشلة لا توفر الحدّ الأدنى من سُبل الحياة وبيّنت الحرب السورية ومضاعفاتها أهمية هكذا نظام بالنسبة للادارة الأمريكية التي تملك حصرياً امكانية اسقاط ما تبقى من النظام والتأسيس لمرحلة انتقالية تعكس مصالح السوريين لا أمن اسرائيل ولا مصالح الغرب والعرب كل بحسب حاجاته .


كانت الحرب على الارهاب نكتة أمريكية ومازالت رغم أنها نكتة مبكية كون اللعب مع الارهاب مجال مفتوح للأغبياء والمجانين ومهما تضررت أميركا منه فإنه سيستمر وبوتائر أسرع ما دامت مراكز الرأي في الغرب لا توفر المادة المطلوبة للنخب الحاكمة كي تعيد النظر في سياساتها الأوسطية وتبدأ في دفع عجلة الديمقراطية الى الأمام بدلاً من ترك قطار الارهاب سائراً في كل الاتجاهات لسحق كل المعتدلين الواقفين أمامه