ثمة لغط سياسي كبير، حول مضمون الاجتماع الذي جمع وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، في قصر الصنوبر، الأسبوع الماضي، لا سيما ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي.
وينطلق هذا اللغط من الأجواء التفاؤلية التي يعيشها زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، والمنسحبة الى حد كبير على قيادات «التيار الوطني الحر»، بأن زمن وصول الجنرال الى بعبدا بات قريبا، خصوصا أن فرنجية أبلغ إيرولت أنه مستعد للتنحي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية لمصلحة العماد عون إذا كانت مصلحة لبنان تقتضي ذلك.
ولا ينتهي التقاؤل العوني عند حدود ما ينسب من كلام الى الزعيم الزغرتاوي، بل يذهب الى حد القول إن الرئيس سعد الحريري يتجه الى سحب مبادرته الرئاسية والى قبوله بترشيح «الجنرال»، وإن «الفيتو» السعودي بات «قاب قوسين أو أدنى» من أن يرفع عن عون.
كل هذه المعلومات تجعل كثيرا من العونيين يعتقدون أن إحياء ذكرى 6 آب لهذا العام سيكون له طعم مختلف، بعدما باتت الطريق الى قصر بعبدا شبه معبّدة أمام «فخامة العماد».
لكن يبدو أن حسابات «الوطني الحر» لم تتطابق مع بيدر «تيار المردة» الذي تؤكد مصادره أن شيئا لم يتبدل أو يتغير في المبادرة الرئاسية، وأن كل ما يتم تداوله في الصالونات السياسية حول اللقاء الذي جمع إيرولت بفرنجية لا يعدو كونه «مجرد تمنيات».
وحسب أوساط فرنجية، فإن اللقاء الذي عقد مع وزير خارجية فرنسا «كان إيجابيا للغاية، وقد بحث في مجمل أوضاع المنطقة، من لبنان الى سوريا فالعراق، والتوازن القائم بين كل الأطراف، والتسوية الاقليمية المنتظرة، والوجود المسيحي في بلدان الشرق عموما، وأنه في سياق هذا الحديث، شكل الاستحقاق الرئاسي في لبنان محطة توقف عندها الرجلان لبضع دقائق».
وتضيف أن الوزير الفرنسي «لم يقدم أية مبادرة في هذا السياق، وهو لم يطلب من فرنجية القيام بأي خطوة، كما لم يوح إليه بأي رغبة فرنسية حول الاستحقاق الرئاسي الذي تم البحث فيه عامة، مع عرض لوجهة النظر الفرنسية حول خطورة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، في ظل البركان المشتعل في المنطقة، وتم التشديد على ضرورة أن يصار الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن».
وتتابع الأوساط نفسها أن فرنجية أكد للوزير الفرنسي أنه «لو جرت الانتخابات الرئاسية اليوم، لكان الفوز حليفي كوني أمتلك الأكثرية النيابية، وبرغم ذلك فأنا لم أكن في يوم من الأيام عائقا أمام مصلحة لبنان، ولن أكون كذلك في المستقبل، وأنه مطلوب من جميع الأطراف أن يعملوا وفق المصلحة اللبنانية العليا بالدرجة الأولى لا أن يتصرفوا على قاعدة: أنا أو لا أحد».
وتشير أوساط فرنجية الى أن زعيم «المردة» شرح لايرولت أهداف المبادرة الرئاسية التي توافق عليها مع الحريري، كما عرض للظروف التي ساهمت في إنضاجها، مشددا على أن هذه المبادرة «مستمرة بالتكافل والتضامن مع الحريري الذي تجمعنا به علاقة احترام متبادلة».
ويشير مطلعون على أجواء «تيار المستقبل» الى أن المبادرة الرئاسية بين الحريري وفرنجية، ما تزال قائمة، ولا يمكن أن تلغى أو تُسحب من التداول بين ليلة وضحاها، بل إن هذا الأمر يحتاج الى مشاورات للوصول الى القواسم السياسية المشتركة، وتوحيد النظرة الى الاستحقاق الرئاسي.
ويؤكد هؤلاء أن «الحريري، خلال زيارته الى طرابلس في شهر رمضان الفائت، شدد في أكثر من لقاء على تمسكه بهذه المبادرة الى أبعد الحدود، وليس لدينا معلومات عن أن تغييرا طرأ على توجهات ومواقف الحريري، كما أن رفع الفيتو السعودي يترجم بتوجيه دعوة من الديوان الملكي الى عون، وهذا ليس ظاهرا في الأفق السياسي حتى الآن».

 


غسان ريفي- السفير