في الرابع من الشهر الحالي، نشرت جمعية "Foodwatch" تقريرا في شأن بعض المنتجات الاستهلاكية التي تحتوي على مواد مسرطنة ومنها شوكولا "كندر". وفي لبنان، وعلى أثر ورود تلك التقارير، أحال وزير الصحة وائل أبو فاعور الملف الى وزارة الاقتصاد والتجارة لمتابعته مع السلطات المسؤولة في بلدان المنشأ والهيئة الاوروبية لسلامة الغذاء لاتخاذ التدابير المناسبة.


يكشف تقرير الجمعية الألمانية، التي تأسست في العام 2012، وجود بعض المواد المسرطنة ومنها زيوت نباتية مكررة من نوع "الهيدروكربونات الآروماتية" المتعددة الحلقات "Polycyclic aromatic Hydrocarbon". وتصنّف "الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية" هذه المواد في خانة المواد التي تحمل قلقا محتملا من خلال إلحاق الضرر بالجينات أو من خلال تراكمها في الأنسجة وتسببها بمضاعفات سلبية على الكبد.

تزيد المواد المسرطنة في الأغذية عامة، وفق مديرة قسم مكافحة السرطان في وزارة الصحة العامة الدكتورة فاديا الياس، من خطر الإصابة بالسرطان في حال تناولها بكميات كبيرة وعلى مرّ سنوات عدة. وتختلف الكمية والمدة الزمنية والأثر الصحي وآلية التأثير على الخلايا والصحة وفق نوعية المادة المسرطنة.

ويشير الأستاذ في الهندسة الجرثومية والسموم الفطرية والزراعية في كلية العلوم في جامعة "القديس يوسف" الدكتور اندريه الخوري الى أن المواد المسرطنة في الأغذية تشكل عاملا من الممكن أن يتفاعل مع عوامل أخرى بيئية أو جينية لزيادة نسبة الإصابة بالسرطان. تتنوّع المواد المسرطنة في الأغذية بين مواد حافظة، وملوّنة، أو المنكهات وغيرها.

توضح الياس أن ليس جميع المواد المضافة مسرطنة، فمنها ما يحمل ضررا ومنها لا. في العادة، تضع المنظمات العالمية وهيئات الرقابة لوائح بالمواد الضارة أو بالمعدلات المسموح بها. تقول الياس انه يجب تحديد المواد الموجودة في المنتج الغذائي والكمية الموجودة على الغلاف غير أن بعض المنتجات في لبنان تفتقر الى ذلك. لا معطيات، وفق الياس، ان كانت الأغذية في لبنان تحتوي على معدلات مسرطنة أكثر من الدول الأخرى، فجميع الدول معرّضة لأن تحتوي منتجاتها الغذائية على مواد مسرطنة بنسب مقبولة أو غير مقبولة.

تجري الفحوص على الأغذية، وفق الخوري، في الخارج وفي لبنان (في مختبرات خاصة أو معتمدة من قبل الدولة). تحصل بعض المختبرات على اعتماد لإجراء بعض التحاليل وليس جميع التحاليل المخبرية التي يصل عددها إلى أربعة آلاف فحص على الأغذية ومنها المعادن الثقيلة، والسموم ومشتقات البترول وغيرها.

يشير الخوري الى أن الرقابة على الأغذية في لبنان ضعيفة حتى أن بعض الدول الأوروبية تعيد الشحنات المصدّرة من لبنان لعدم توافر الشروط والمعايير الضرورية. في المقابل، توصي الياس بأهمية توعية المستهلكين والمنتجين على المواد المسرطنة في الأغذية للامتناع عنها أو الحد من تناولها للمحافظة على صحة الفرد وعافيته.

ومن دون أن تتوافر معطيات علمية واضحة عن أثر المواد المسرطنة في الأغذية والعوامل البيئية والحياتية الأخرى التي يتعرّض لها المواطن اللبناني على زيادة معدلات الإصابة بالسرطان، يسجل لبنان أكبر نسبة حدوث سرطان بين الدول العربية. يبلغ المعدل، وفق معطيات منظمة الصحة العالمية في العام 2012، في لبنان 197 حالة لكل مئة ألف شخص، بينما تبلغ المعدلات 155 في الأردن، 152 في مصر، 110 في تونس، و91 في السعودية فيما تسجل الدول الأوروبية معدل 247.

من جهة أخرى، قام فريق من الباحثين (علي شمس الدين، أحمد صالح، مايا شرف الدين، محيي الدين سعود، ديبارو مخرجي، سالي تمرز، وعبلة محيو سباعي) من "الجامعة الأميركية في بيروت" بنشر دراسة في شأن اتجاه السرطان في لبنان بين الأعوام 2003 و2008، والتوقعات في العام 2018 في المجلة العلمية "Population Health Metrics". ارتكزت الدراسة التي نشرتها "السفير" في نيسان 2016، على تحليل المعطيات بين الأعوام 2003 و2008، وعلى بلورة توقعات إحصائية للعام 2018.

تشير الدراسة الى ارتفاع معدل السرطان في لبنان على النحو الآتي:

ـ في العام 1966، نسبة حدوث السرطان عند الرجال ( 102.8 حالة لكل مئة ألف شخص)، وعند النساء (104.1 حالة لكل مئة ألف شخص).

ـ في العام 1998، نسبة حدوث السرطان عند الرجال (154.2)، عند النساء (134.8)

ـ في العام 2003، نسبة حدوث السرطان عند الرجال (179.3)، عند النساء (190.3).

ـ في العام 2008، عند الرجال (225.7)، عند النساء (243.9).

ـ في العام 2018، عند الرجال (296)، عند النساء (339.5).

ـ في العام 2020، عند الرجال (361)، وعند النساء (312).

ومن المتوقع، أن تشكل سرطانات البروستات، المثانة، الرئة أكثر السرطانات شيوعا في العام 2018 عند الرجال، بينما تشكل سرطانات الثدي، المبيض، واللمفومة لاهودجكين أكثر السرطانات شيوعا عند النساء.

(ملاك مكي - السفير)