عندما فجّر الفتى أحمد قصير نفسه بمقرّ المخابرات الإسرائيلية في صور، هلّل الجميع واحتفل بشهادة الفتى، وافتتاح عصر "العمليات الاستشهادية" ، مع أنّ دماء الإسرائيليين (غير المأسوف عليها) اختلطت بدماء اللبنانيين والفلسطينيين الذين كان يحتجزهم العدو بالعشرات في المبنى، وهاكم ما وصلت إليه العمليات "الاستشهادية" أكثر من ثلاثماية قتيل في الكرادة العراقية، وأكثر من ثمانين قتيلا في نيس الفرنسية، وقد افتخر مرة السيد حسن نصرالله "بأنّنا" الجماعة الوحيدة التي يخرج من صفوفها "استشهاديون" يبذلون النفس الغالية، (والتي حرّم الله تعالى قتلها) ، فإذا بجماعات القاعدة وداعش والنُّصرة وطالبان يبعثون "الاستشهاديين" زرافاتٍ ووحدانا. وأذكر أنّه بعد عملية الفتى قصير، وما تبعها من عمليات، كتب السيد محسن إبراهيم ما مُفادُه: لا يحقُّ لأحدٍ مهما علا مقامُه، أن يُرسل مناضلا إلى حتفه المحتوم، بل يبقى النصر والعزة هما الأمل الذي يحدو بالمناضل كي يخوض غمار الصراع والحروب مع الأعداء، والاعداء فقط، لا الأبرياء.
وعندما افتتح الفلسطينيون منذ أشهر عدة فقط، عصر "الطعن والدهس" تعالت صيحات التمجيد والتهليل، على الرغم من فداحة الخسائر التي لحقت بمن طعن أو حاول الطعن، أو اشتُبه به، وهاهي بركات الطعن والدهس يتلقّفها الدواعش، ومن يتبعون نهجهم، فيرتكبون أخسّ الجرائم وابشعها في "نيس" في فرنسا، فجرائم الطعن والدهس الفردية، تتناسل منها جرائم الطعن والدهس الجماعية.