الحديث عن الرئيس كامل الأسعد بعد غياب قسري بفعل الموقف السوري الذي شطبه من المعادلة لرفضه الخنوع والخضوع له وطوعي نتيجة للمرض ومن ثمّ للموت الذي طواه وحيداً بعد أن كان دولة في رجل . طبعاً الحديث عنه وفي أجواء ذكراه من قبلنا نحن الذين اختلفنا معه دون معرفة مسبقة لأننا ولدنا زمن الحرب الأهلية وكان اليسار والشيوعيون تحديداً لا شغل لهم سوى محاربة الأسعد وتياره الجنوبي بشراسة لم نعهدها في عدو آخر للاشتراكية الثورية . سيجلب الينا المزيد من الشتم والتخوين من قبل حاقدين يقودهم جهلهم الى تظلّم العباد باعتبار أنهم هم أيضاً لا يعرفون عن الرئيس الأسعد الاً أنه اقطاعي ابن اقطاعي وابن سلالة اقطاعية وكان محوراً أساسياً في طائفة المارونية السياسية وختم حياته النيابية بانتخاب بشير الجميل رئيساً للبلاد وكان من عرّابي اتفاق 17 أيّار . كما أن الحديث عن سلبيات الرئيس والتي آمنا بها دون مراجعة لا يفيد باعتبار أن مادة الادانة للتجربة "الأسعدية" متوفرة دائماً في السوق السياسي الشيعي تحديداً من قبل جهابذة المعارضين للأسعد وتياره الشعبي والمستمرين في حفر قبره رغم انتهاء دور دولة الرجل . لذا ثمّة اضاءة على موقفين " أسعديين " مهمين باعتبار أنهما يلامسان ببعدهما المجال الوطني الذي ألغيا لصالح "ميليشياويات " طائفية خربت مشروع الدولة من حزب الكتائب الى آخر مولود حزبي طائفي ومذهبي وأسست لنشأة الدويلات الطائفية وهدمت آخر هياكل الدولة . أوّل الموقفين رفض كامل الأسعد الدخول في الحرب الأهلية والعمل على تجهيز تياره وحزبه بأدوات المعركة الداخلية كما أنه رفض الطاعة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كما فعل كل العاملين والمساهمين في الحرب الأهلية من يمين ويسار . وتجلى الموقف الثاني بأنف الرئيس الذي جعله غير رخيص وتابع لشرطي في المخابرات السورية كما كان كبار القوم من أهل الأحزاب الوطنية والاسلامية حتى أثناء فترة القيادة العربية التاريخية والاستثنائية والغير قابلة للتكرار لانتفاء الأسباب والظروف الموضوعية للرئيس الرمز جمال عبد الناصر لم يكن يجرؤ أحد على اعتراض ما يقرره عبد الناصر وكانت صورة أي شخص عربي مع عبد الناصر كافية لجعله زعيماً أو رئيساً مسدداً من قبل الشعوب العربية باعتباره تابعاً للرئيس الناصري . يقول النائب السابق ادمون رزق عن الرئيس كامل الأسعد أنه كان رجل دولة ولا مثيل له في تاريخ لبنان السياسي ويذكر أنه كان في وفد برئاسة الرئيس الأسعد لمصر وكان من عادة الزائرين لعبد الناصر أن يأخذون صورة تذكارية معه بناءً لطلب منهم كي يستفيدون منها في أوساطهم الشعبية ان كانوا روّاد أحزاب قومية أو في سياساتهم الوطنية ان كانوا مسؤولين في الدولة من الرؤساء الى النواب والوزراء وعندما انتهينا من جلستنا مع عبد الناصر خرجنا مع الرئيس الأسعد فسأل الرئيس المصري الرئيس الأسعد الا تريد أخذ صورة معي ؟ فجاوبه الأسعد أنا لا أحتاجها ولكن ان كنت تحتاجها فلا مانع عندي ... رحم الله من كان عنده كرامة وطنية .