هل انتهت قضية منال عاصي باصدار محكمة الجنايات في بيروت امس حكماً "مخففا" بحق زوجها محمد النحيلي بجرم قتلها بعد تعنيفها؟ سؤال يطرح نفسه في هذه القضية خصوصاً بعدما حمّل حكم المحكمة في حيثياته المجني عليها "مسؤولية عملها غير المحق تجاه زوجها الجاني بخيانته والتعرض لشرفه وكرامته وسمعة ابنتيه وتشردهما في حال طلاقه منها في الوقت الذي لم يكن يشك بها".

من هنا جاءت ثورة غضب الزوج الذي وصفته المحكمة بانه "شخص انفعالي ويثور بسرعة ولا يتمالك اعصابه"، وهاله اكتشاف الحقيقة الجارحة، وفق حيثيات الحكم بعد ان باغت الجانية يوم الحادث صبيحة الرابع من شباط العام 2014 وهي تحادث عشيقها على الهاتف وترسل له كلمات غزل وقبلات لتعود وتعترف له بالخيانة منذ خمس سنوات اي قبل زواجه الثاني بسنتين.

واعتبرت المحكمة أن شروط العذر المخفف متوافرة في حالة المتهم فضلاً عن إسقاط الجهة المدعية حقوقها الشخصية، وبالنظر لظروف الحادث واسبابه ولوضع المتهم المعيشي ولحاجة ابنتيه الى رعايته قررت بالاجماع الحكم عليه بالاعدام وانزال العقوبة الى السجن سبع سنوات وتخفيفها الى السجن خمس سنوات مع احتساب مدة توقيفه.

الحكم الذي صدر بعد ظهر امس عن محكمة الجنايات برئاسة القاضية هيلانة اسكندر وعضوية المستشارين القاضيين عماد سعيد وهاني عبدالمنعم الحجار، يقع في 45 صفحة ويتضمّن وقائع الجريمة وافادات المتهم والشهود، وهو يسترجع فصول الاعتداء الذي تعرضت له المغدورة بالضرب بالايدي وطنجرة ضغط وصحن زجاج بحسب اقوال شقيقتها.

وتروي والدة المغدورة ان المتهم اتصل بها وطلب منها الحضور الى المنزل وكانت منال ممدة على الارض وآثار الضرب بادية على وجهها ويديها، وان المتهم قام بضربها امامها ثم غادر المنزل ثم عاد بعد ساعتين ونقلها الى المستشفى. اما شقيقة المغدورة فافادت بانها شاهدت منال مرمية على الارض والمتهم يقوم بضربها وبدعس رأسها بقدمه وكان شقيقها قد حضر أيضاً فتهجم المتهم عليه وعمل على اخراجه من المنزل.

وباستجواب المتهم افاد بان اتصالاً ورده من سيدة لم تعرّف عن نفسها واخبرته ان زوجته على علاقة بزوجها فتوجه الى المنزل حيث كانت منال تتحدث عبر الهاتف فأخذه منها بالقوة وشاهد صورة شخص وكلام غزل وصور "بوسات" فأخذ رقم ذلك الشخص وهو كان جارهم في بشامون، وراح يتصل به فيما بدأت منال بالصراخ وسألها عن سبب خيانتها له بعد ان صفعها فاعترفت انها على علاقة معه منذ خمس سنوات فصفعها مجددًا لأنها وجّهت اليه كلاماً نابياً واعلنت له بأنها تحب ذلك الشخص وهي تريده فضربها وفقد حينها اعصابه وعاد وضربها فوقعت ارضاً ووقعت عليها طنجرة بداخلها "طبخة فاصولياء"، وكانت ساخنة ثم اتصل بوالدتها وخرج من المنزل. ثم عاد بعد ان اعلم والدتها وشقيقها بانها خائنة فطلبت منه والدتها ان يبقيها "خادمة للاولاد" فرفض وطالب بان توقّع على تنازل عن الاولاد. واكد بانه لم يضربها الا بيديه وهي كانت تضربه بالمثل ووقعت عليها الطنجرة بعدما ضربها بـ"البوكس" ووقعت الطنجرة على وجهها وصدرها ورقبتها، ثم غادر المنزل وعاد لنقلها الى المستشفى. واستغرب سوء حالة المغدورة التي كانت تحدّثه بشكل طبيعي اثناء نقلها الى المستشفى معتبراً ان ذلك قد يعود الى تعرضها قبل سنة ونصف السنة لحادث على طريق صيدا. وتابع المتهم يقول امام المحكمة بانه كان يحب زوجته وينصف بينها وبين زوجته الثانية وبانه لم يقصد قتلها بل ضربها بيديه بعدما استفزته وقالت له إنه "ليس رجلا" وإنها لا تحبه مع انهما متزوجان منذ 17 عاماً.

وقد اعترف و.ح. بعلاقته بالمغدورة التي كان يلتقيها في منزل والديها في بشامون وكان يعاشرها بعد منتصف الليل بعد ان ينام اهلها...

وفي حيثيات حكم المحكمة، "حيث ان مباغتة الزوج لزوجته تحادث عشيقها على الهاتف وترسل له كلمات غزل وقبلات واعترافها له بالخيانة منذ خمس سنوات اي قبل زواجه الثاني وقبل الحادثة بسنتين جعله في ثورة غضب شديد ناتج عن عملها غير المحق تجاهه وعلى جانب من الخطورة نتيجة التعرض لشرفه وكرامته وسمعة ابنتيه وتشردهما في حال طلاقه منها، في الوقت الذي لم يكن يشك بها، وحيث انه ثبت للمحكمة ان هذا الاخير هو شخص انفعالي يثور بسرعة ولا يتمالك اعصابه ومن جهة اخرى هو شخص متديّن يفتح بيته لتمكين زوجته من اقامة حلقات "الذكر" واعطاء الدروس الدينية سواء في البيت او لدى شقيقة و.ح. وقد هاله اكتشاف الحقيقة الجارحة فاتصل بالاخير الذي لم يرد عليه مما اثار غضبه وقد استشاط غيظاً اكثر حين اتصلت شقيقة و.ح. بزوجته المغدورة فرد عليها هو مؤكداً لها انه سوف يقتل شقيقها ويشرب من دمه كما ورد في إفادة و.ح. فأكمل ضربه لزوجته وكان بحالة عصبية هستيرية وفقاً لما جاء في افادة شقيقة المغدورة الاستنطاقية. وحيث ان المحكمة ترى في ضوء ما هو مبين اعلاه ان شروط المادة 252 عقوبات متوفرة في فعل المتهم فيستفيد من العذر المخفف. وحيث ان المادة 251 عقوبات نصت على ما يلي: عندما ينص القانون على عذر مخفف اذا كان الفعل جناية توجب الاعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة او الاعتقال المؤبد حولت العقوبة الى الحبس سنة على الاقل وسبع سنوات على الاكثر مما يقتضي معه تطبيق المادة 251 عقوبات في الدعوى الحاضرة. وحيث ان المتهم يطلب منحه الاسباب التخفيفية نظرا للاسقاط ولظروف الحادث ولتمكينه من إعالة وتربية ابنتيه اللتين تشردتا بعد الحادثة فأقامتا في البدء لدى ذوي المرحومة الذين طلبوا منهما السكن لدى والدي المتهم وهما متقدمان في السن مما يحوّل حياة الابنتين لعذاب مستمر بغياب اي مرشد او معيل لهما. وحيث ان المحكمة وبعد سماع الابنتين والاطلاع على اوضاعهما المعيشية واستعطافهما المحكمة لرحمة والدهما لانهما بأمسّ الحاجة اليه لرعايتهما وإكمال تعليمهما كونهما يعيشان لدى جديهما لوالدهما. ونظراً لاسقاط الجهة المدعية لحقوقها الشخصية عن المتهم ولظروف الحادث واسبابه ولوضع المتهم المعيشي ولحاجة ابنتيه الى رعايته، ترى المحكمة منحه الاسباب التخفيفية ولم يعد من حاجة لبحث سائر الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة".

 

(المستقبل)