لا زال لبنان يحصد آثار حرب تموز المدمرة التي خاضتها إسرائيل ضده واستهدفت خلالها المقاتلات الإسرائيلية وصواريخها الذكية معظم المرافق اللبنانية حيث دمرت ما امكنها من بنى تحتية عدا الخراب الذي لحق بالكثير من الأبنية في كافة المدن والبلدات اللبنانية وخاصة تلك التي كان يشغلها حزب الله. 


وإذا كان لحزب الله الإدعاء وبعد صدور القرار 1701 الذي وضع حدا للأعمال الحربية على الجبهة الجنوبية بين لبنان وإسرائيل بتحقيق نصرا الهيا /وطبعا حسب مفهوم الحزب للانتصارات وللحروب ولأسبابها ونتائجها المبني على ثقافة حب الموت والاستشهاد انسجاما مع مقولة نيل إحدى الحسنيين أما النصر او الشهادة.

فمن يبقى فهو المنتصر ومن يقضي فهو شهيد إلا أن الحزب لم يستطع أن يخفف من معاناة اللبنانيين الذين عاشوا على مدى 33 يوما استمرت خلالها الصواريخ والقذائف تتساقط فوق رؤوسهم وبالتالي لم يستطع وبعد مرور عشر سنوات على هذه الحرب أن يقنع كافة شرائح المجتمع اللبناني بجدوى هذه الحرب التي لم تخرج عن نطاق الصراع الإقليمي الدولي على الساحة اللبنانية إذ أنها كانت حربا ايرانية أميركية بامتياز وأقدم حزب الله على إشعال شرارتها الأولى بخطف الجنديين الإسرائيليين. 


وحزب ألله الذي يحتفل سنويا بذكرى هذه الحرب زاعما أنه حقق نصرا الهيا على إسرائيل، إلا أنه بالنظرة الواقعية لتداعيات هذه الحرب يمكن التأكيد على أن الحزب عمليا حقق نصرا ضد لبنان وليس ضد إسرائيل ويأتي في سياق جملة الهزائم التي مني بها البلد نتيجة تفرد حزب الله باتخاذ القرارات التي تلقي بأثقالها على كاهل الشعب اللبناني وخصوصا قراري الحرب والسلم دون الأخذ برأي باقي الأطراف السياسية والحزبية اللبنانية الأخرى ودون موافقة شركائه في الوطن الذين يتحملون أعباء وتبعات والخسائر التي تنجم عن هذه القرارات. 


فحرب تموز أثبتت أن لبنان كان وما يزال معرضا لدفع الأثمان من امنه واستقراره وشعبه وكذلك معرضا لخوض معارك في ظل إصرار ولاية الفقيه على وضع هذا البلد الصغير تحت الوصاية الإيرانية كما كان سابقا تحت الوصاية السورية، وبالتالي فإن هذه الحرب ليست أكثر من حلقة من مسلسل مشروع حزب الله الداخلي المرتبط بالمشروع الإيراني الإقليمي. 


وقد استطاع حزب الله أن يحقق خطوات متقدمة على طريق فرض اجندته بتعطيل مؤسسات الدولة لمصلحة دويلته ما يعتبره انتصارات إلهية.

 
ففي السابع من أيار 2008 اجتاح بيروت وجزء من الجبل وقبله دعوته للاعتصام الطويل في وسط العاصمة وصولا إلى تعطيل كافة المؤسسات الدستورية، من رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي إلى مجلس الوزراء ما أدى إلى ضرب الحياة الاقتصادية والسياسية في البلد وتهجير أكبر عدد ممكن من شبابه هائمين في كافة أقطار العالم. 


وغني عن القول أن مشاركة حزب الله في الحرب السورية إلى جانب النظام ضد المعارضة أدى إلى عزل لبنان عن محيطه العربي وضرب مواسم السياحة والاصطياف فيه وخصوصا من أشقائه العرب.

وفي هذا إنتصارا لمشروع حزب الله في لبنان وليس انتصارا على إسرائيل التي لم يزعجها سلوك حزب الله في ضرب كافة مناحي الحياة في لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشة ومشاركته في ازكاء شعلة الفتن الطائفية والمذهبية في سوريا والعراق والبحرين واليمن..