لم تعد معرفة الأخبار ومجريات الأحداث وما يدور حولك من تطورات يومية إن في البلد أو في المنطقة والعالم، تنتظر حتى ساعات المساء للاستماع الى نشرات الأخبار ولا أنت مضطرا لفتح الراديو بعد أن تحول التلفون بيدك الى وسيلة اتصال لحظوي يخبرك غصبا عنك كل ما يجب أن تسمعه ولو عن غير قصد. 
ومن بين عشرات التنبيهات التي تتلقاها يوميا على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع تكاد أن تأخذ القرار النهائي بإلغاء خدمة التلقي وإلغاء المشاركة في استقبال الأخبار السريعة منها والبطيئة، فمع كل رنة هاتف تعلمك بقدوم نبأ ما صار لزاما على واحدنا أن يتوقع ما يزيد على همومه هما وعلى تعاسته تعاسة. 
حادث سير مؤسف يودي بحياة شخصين في المنطقة الفلانية، 
وفاة شاب على دراجة نارية على الاتوتستراد الفلاني 
تأجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية للمرة المليون إلى التاريخ الفلاني 
إنفجار إرهابي ضخم يضرب المنطقة الفلانية 
ازدياد أعداد ضحايا الإنفجار الفلاني إلى الرقم الفلاني 
عجقة سير خانقة بسبب حادث سير على الطريق الفلاني 
إغتصاب فتاة قاصر في المنطقة الفلانية 
عشرات القتلى والجرحى في مجزرة جديدة بعد الغارات على المنطقة الفلانية 
دي ميستورا: لا مجال لحل عسكري في سوريا 
حزب الله ينعي أربعة شهداء جدد سقطوا في معارك حلب 
عشرات الطنطنات التي تسمعها كل يوم ولا تحمل لك إلا المزيد من "الشحار والتعتير" ومع كل طنة من هذه الطنات ينطلق الدعاء والتوجه الى الله قبيل النظر الى الهاتف ومعرفة ما يحمل : " خير اللهم اجعله خير " !! وبعد قراءة الخبر بهمس بدون أن يسمع من حولك وهم يراقبون عينيك وينتظرون سماع فاجعة جديدة متوقعة، ويعرفون حجمها وفداحتها من حجم جحوظ عينيك مرفوق كل هذا مع ما تيسر من حوملة ( لا حول ولا قوة الا بالله ) أو تهليل (لا اله الا الله) 
وإن كانت هذه حال يوميات معظم اللبنانيين إلا أنه والحق يقال فإن بعض الطنطنات لها طعم آخر ولها نكهة مختلفة ولا أبالغ بأنها قد تبدو غريبة وخارج السياق بحيث تعيد إليك بعض الروح وشيء من الأمل والكثير الكثير من الإحساس المفقود بوجود الدولة وبانتمائك إلى وطن، ويعيد إليك إحساسك الإنساني وقيمتك كمواطن، فتتفلت من بين شفتيك ابتسامة عريضة جدا تكاد تكون نسيت كيفية إخراجها أو رسمها لطول انحباسها. 
فقط تتغير معالم وجهك الى ما يشبه الفرح عندما تكون الطنة المسموعة متعلقة بخبر مكتوب فيه إسم الوزير وائل أبو فاعور ولا يهم بعد ذلك تكملة الخبر إن كان إقفال مطعم فاسد من هنا أو مسلخ غير موافق للشروط من هناك، أو إحالة طبيب مزور إلى المحاكمة أو الإعلان عن لائحة تسعير جديدة لأسعار الأدوية وما إلى هنالك من أخبار تنزل على أرواحنا بردا وسلاما. 
وآخر هذه الطنات المحببة كانت عبارة عن خبر لا أدري مدى دقته وهو الإعلان عن تغطية وزارة الصحة لكامل تكاليف معالجة من هم فوق سن 64 عام !!! 
ختاما لا يسعنا في هذا المجال إلا إرسال أجمل التحايا للوزير النشيط والمُجدّ والمسؤول وائل أبو فاعور وأن يكتر من طناته وأخباره فأمثالك هم الأمل لنا في هذا البلد المكروب بغض النظر عن أي خلفية سياسية بل فقط لأن الحق يقال .