تحدّث المسؤول المهم نفسه الذي يُتابع أوضاع المشرق العربي وخصوصاً لبنان وسوريا والأردن في "الإدارة" المهمّة الثالثة نفسها داخل الإدارة الأميركيّة، قال: "ما قُلتَه صحيح. المهم انتخاب رئيس وبدء عمليّة إعادة ترتيب الأوضاع. والمهم أيضاً تلافي زعزعة الأمن والانفجار في الداخل والمهم ثالثاً إنتظار التسوية في سوريا، ذلك أن عدم التوصّل إليها يعني لا حلّ في لبنان". علّقتُ: المشكلة عندنا أو جزء منها على الأقل، لا أستطيع أن أجزم أن حل أزمة سوريا سيحلّ مشكلة لبنان وأزمته المزمنة. كما أن حلّ صراع فلسطين – اسرائيل لن يحلّ مشكلتنا. على كلٍّ ماذا عن مفاوضات جنيف لتسوية الأزمة السورية؟ سألتُ. أجاب: "المفاوضات ماشية. المعارضة حضرت. والعرقلة إذا حصلت ستكون من النظام استناداً إلى ما فعله ممثله الجعفري الذي هو مندوب سوريا في الأمم المتحدة. فهو "خربط" الاجتماع سابقاً. ووزير الخارجية وليد المعلِّم حاول "خربطة" الاجتماع الحالي بالقول إن وفد سوريا سينسحب من المفاوضات إذا تناولت النظام والرئاسة. طبعاً روسيا عند كلمتها في هذا الموضوع وتمكّنت في النهاية من إقناع الأسد بالاشتراك في المفاوضات. لكن علينا أن ننتظر لنرى المواقف. هناك ثلاث مجموعات تفاوِض. مجموعة وقف إطلاق النار ومهمّتها عمليّاً مُتابعة قرار وقف العمليات العدائيّة لأن لا وجود لقرار بوقف النار. ومجموعة ثانية تفاوض على المستقبل. ومجموعة ثالثة تفاوض على موضوع الارهاب. المجموعتان الثانية والثالثة قد تستمرّان في العمل نحو خمسة أسابيع بعد انتهاء مؤتمر جنيف. أما المجموعة الأولى فقد تستمر في العمل أسبوعين. لكن البحث يتناول الخطّة التي اتُّفق عليها سابقاً أي ستة أشهر للاتّفاق على سوريا الجديدة (نظام) وعلى المرحلة الانتقاليّة وطبيعتها. بعد ذلك هناك 12 شهراً للتنفيذ. ومصير بشار الأسد لا بد أن يُطرح في المباحثات المذكورة. (معظم ذلك لم يحصل والمفاوضات متوقّفة حتى الآن)". علّقت: طرحت روسيا بلسان أحد مسؤوليها الفيديراليّة نظاماً لسوريا الجديدة. هل يمشي حال اقتراح كهذا؟ سألتُ. أجاب: "نعم تحدّث الروس عن ذلك. لكنهم قالوا لاحقاً إن الشعب السوري يقرّر في هذا الموضوع، ربما بسبب زعل الأسد من هذا الموقف وغيره. في أي حال أعتقد أن ما يتحدّث عنه السوريّون وسيبحثون فيه هو اللامركزية Decentralisation. المهم أن التوصّل إلى حل مُتفاوض عليه صار له شعبيّة حقيقيّة في سوريا. أُنظر إلى التظاهرات الشعبيّة التي سارت تأييداً لاستمرار المفاوضات وللوصول إلى نتيجة إيجابيّة، طبعاً لا يستطيع الأسد أن يضربها أو يقمعها إذ ان المجتمع الدولي كلّه يُراقب ويّتابع". علّقتُ: يستطيع الأسد التذرّع بمحاربة الإرهاب كما فعل منذ البداية. ردّ: "هناك اتفاق بين الجميع على محاربة الارهاب وخصوصاً "داعش" و"النصرة". لكن النظام السوري يضرب الآخرين وربما الروس يفعلون مثله. المهم أننا متّفقون كلّنا على ضرب "داعش" كونه التنظيم الارهابي الأقوى. يجب القضاء عليه. ولا يعني ذلك تسليم الأرض المحرّرة منه إلى النظام. فنحن لا نساعده وليس هدف المفاوضات مساعدته". سألتُ: إذاً لمن ستكون الأرض المحرّرة من "داعش" وأمثاله؟ أجاب: "للقوى المعارضة المعتدلة من سياسية وعسكرية. المهم أن يلتزم الأسد تعهّداته. حتى الآن لم تُسلّم المساعدات الإنسانيّة كلها للمناطق المحاصرة. فالتي منها خاضعة للمعارضة في ريف دمشق مُستثناة من تسلّمها، والمساعدات الطبيّة والأدوية لا شيء يُسلّم منها للمُحاصرين والمُحتاجين. ولا يحق للأسد أن يُنهي حياة الناس". علّقت: هناك الآن على ما يبدو تفاهم روسي – أميركي – إيراني من نوع ما ضد "داعش" وعلى التسوية السياسية للأزمة – الحرب في سوريا. أنت تعرف أن الأسد كاد أن ينهار الصيف الماضي فاضطرّت إيران إلى الاستعانة بروسيا لابقائه صامداً. لكنّها غير مُنشرحة لها كونها صارت شريكاً لها في هذه الدولة. وربما يفسح ذلك أمام الأسد في مجال "اللعب على الحبلين" كما يقال. ردّ: "لا أعتقد أن الروس والإيرانيّين سيتركونه يفعل ذلك". من الذي سيحرِّر الرقّة من "داعش"؟ سألت: أجاب ضاحكاً: "لا أعرف. لماذا تسأل؟". أجبتُ: لأن إيران عبر شيعة العراق و"الحشد الشعبي" فيه تحاول الوصول إلى الرقّة من مناطق عراقية "سنيّة". ربما لن تستطيع احتلال الرقّة أو لن تفعل ذلك. لكنها قد تقطع التواصل بين "داعش" سوريا و"داعش" العراق (الموصل) وتفتح في الوقت نفسه ممراً جغرافياً يربط سوريا والعراق وإيران. بماذا علّق؟