وأنت متجه الى منطقة الحدت من جهة منطقة الكفاءات، تكون منتظرا" أن تمتع ناظرك بمشهد الألوان والزهور والبيئة الجميلة النظيفة التي تملأ صفحات المواقع التابعة لبلدية الحدت ومنشوراتها الدورية...
ولكن الصدمة الصاعقة تقع عليك حين تتفاجئ بالكم الهائل من النفايات المتكومة لأيام....رائحة المكان تشي بالمدة الزمنية التي مرت على القمامة..
هنا..تصبح القمامة ثقافة يومية وجزءا" من تفاصيل حياة لمواطنين صنفتهم بلدية الحدت مواطنين من فئة الخارجين عن نطاق خدمات البلدية رغم وقوع منطقتهم عقاريا" ضمنها...
إنها المنطقة ذات الطابع الشيعي التي تمتد من الكفاءات الى الليلكي فحي الجامعة...منطقة ودت بلدية الحدت أن لا تكون موجودة على الخارطة..وهو ما عبر عنه رئيس البلدية الحالي جورج عون في إحدى مقابلاته التلفزيونية قبل فترة قائلا": الليلكي؟ ما بعتقد هالمنطقة تابعة لبلدية الحدت.....
وبعد...
هنا منطقة تفتقر الى الحد الادنى من مقومات الصمود لحياة إنسانية لائقة..فالذباب والبرغش هو ضيف البيوت الدائم بسبب النفايات من جهة والعبارات المفتوحة من جهة أخرى مع ما تحويه من مياه آسنة وتجمع للجراثيم...
وطبعا" وكنتيجة حتمية لغياب البلدية غابت السوكلين أيضا"، ونسيت هذه المنطقة المنسية أصلا" حرمانا" وإهمالا"...
كل ذلك هو تتابع لسياسة البلدية: ما تبيع أرضك، المعادلة التي كرست الحدت كأول بلدية في لبنان تمارس العنصرية المذهبية والطائفية بشكل علني..
فالشق المسيحي من مناطق بلدية الحدت هو ما جعلته البلدية القسم المرتب والنظيف والأنيق والمنظم..
أما الشق المسلم فهو ما تركته البلدية أسير العشوائية والغوغائية والفوضى والإهمال...
ذاك وجه من صراع تاريخي كبير بين أهالي المنطقة المنكوبة والمتعاقبين على رئاسة البلدية..
فإلى متى ستبقى البلدية على هذا التمييز الواضح الفاضح؟
إلى متى تعتقد أن الأهالي سيبقون راضين قانعين بإقصائهم عن دائرة الخدمات وحقوقهم...
علما" أن 90% منهم يدفع بشكل دوري كل ما يترتب عليه من رسوم للبلدية فهل من العدل أن تطالب البلدية بالواجبات تجاهها وتمنع عن المواطن حقوقه من جهة أخرى؟؟
إن ما يجري لهو مأساة بأبشع أبعادها الثقافية والاجتماعية والإنمائية والخدماتية...
مأساة آن أوان الحد منها، فزمن السكوت ولى..