رأت أوساط واسعة الإطلاع في بيروت، انه أصبح من غير الواقعي ترقُّب مسارٍ إنفراجي قريب للأزمة اللبنانية التي يختزلها الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي أكمل شهره الـ 25.

وأشارت الأوساط نفسها عبر صحيفة “الراي” الكويتية، الى ان انقلاب “سلّم الاولويات” غربياً في ضوء “صدمة” الإستفتاء البريطاني ، والتي بدت في جانبٍ منها وكأنّها من مفاعيل ترْك الحرب السورية تُفرِز ظواهر مقلقة ومرعبة مثل أزمة المهاجرين والنازحين و”داعش”، ستحتاج الى وقت قبل ان يستوعبها المجتمع الدولي ويفكّ “شيفرة” مغازيها ليحزم في ضوء ذلك أمره نحو إخماد “البركان” السوري خصوصاً قبل ان تطول “حممه” أعرق الديموقراطيات في العالم و”تُعوْلِم” حال الاضطراب المتفشي في المنطقة.

وفي انتظار انقشاغ غبار “العاصفة البريطانية”، ترى الأوساط نفسها ان إشارات “فرْملة” الحلول في لبنان ما زالت تتوالى، ولعل أبرزها ما كشفته تقارير صحافية امس، عن محادثات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في باريس قبل ايام لجهة ثبات الأخير على رمي كرة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان عند الآخرين ولا سيما المسيحيين بقوله أمام الرئيس فرانسوا هولاند، ان طهران لن تعارض انتخاب رئيس في لبنان “ولكن ينبغي على المسيحيين أن يتحدوا لاختيار الرئيس”، محمّلاً التدخلات الخارجية مسؤولية إفشال الاتفاق على النائب سليمان فرنجية والدفع نحو “تحالف غير مألوف” بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وزعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون .

واذا كان عدم خروج الموقف الايراني من دائرة “تجميد” رئاسية لبنان يجعل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت في 11 و 12 يوليو المقبل أبعد ما تكون عن إمكان إحداث اي اختراق في جدار المأزق الرئاسي، فإن الأوساط المطلعة تلاحظ على المستوى الداخلي اندفاعة من فريق “8 آذار” على المستوى سياسي من خلال تحديد رئيس البرلمان نبيه بري، ومن خلفه بطبيعة الحال “حزب الله”، ممراً للحلّ “الملبْنن” عنوانه “السلّة الكاملة” مع ما تحمله من رغبة في تحصيل مكاسب على صعيد التركيبة اللبنانية وتوازناتها من “خلف ظهر” اتفاق الطائف.

وفيما برزت تقارير في وسائل إعلام قريبة من “8 آذار” أوحت بأن الخيار الرئاسي بات محصوراً عملياً بين إما فرنجية “الرئيس مع وقف التنفيذ” في ضوء المسار الدولي – الاقليمي الذي واكب طرح اسمه قبل أشهر، وإما رئيس توافقي مع القفز فوق العماد عون، فإن مساراً آخر أعطى إشارات الى ان “خيار عون” لم يسقط وان “حزب الله” الذي جعل “السلّة الكاملة” – التي تمنحه قدرة على التحكم بمسار المرحلة المقبلة في لبنان ومواصلة “قضم” مرتكزات الطائف – مدخلاً لأي حلّ، قد لا يمانع وصول زعيم “التيار الحر” ضمن هذه الصيغة اذا ارتأى ان من الأفضل لمحوره ملء الفراغ الرئاسي بمرشح “مضمون له” قبل انتخاب رئيس اميركي جديد وتبدُّل الإدارة الاميركية وامكان حصول تحولات ميدانية في سوريا.

الا ان الأوساط عيْنها ترى ان دون هذا المسار موقف موحّد لقوى “14 آذار” التي ترفض اي انجرار جديد الى “دوحة ثانية” على غرار ما حصل في 2008 وأفضى الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان، وإن كانت تتخوّف من انه اذا اعتبر “حزب الله” ملء الفراغ الرئاسي بتوقيته “أمراً استراتيجياً” حصول شيء ما يفرض الحلّ “قيصرياً” على ما كانت لوّحت به بعض صحف “8 آذار” بالحديث عن “دوحة لبنانية” “على البارد او على الحامي”.