لبنان لا يزال وإلى أجل غير مسمى في عنق الزجاجة. وكل الدلائل تشير إلى أنه ليس في الأفق ما يوحي إلى بوادر تسوية لحلحلة الوضع اللبناني المأزوم منذ سنوات والمليء بالمشاكل المتفاقمة والتي تتراكم يوما بعد يوم.

وهذا ما بدا واضحا من خلال كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي جاء على لسانه خلال افتتاح جلسة الحوار الأخيرة عندما قال نعرف أن الأبواب ليست مفتوحة بعد لتسوية، إنها لا تزال موصدة ، و

كذلك فإن ترحيل جلسة الحوار القادمة لأكثر من شهر ونصف، فيه إشارة واضحة على ان لبنان لا زال على رصيف انتظار التسويات الكبرى في المنطقة. 


فمن الواضح أن حال المراوحة اللبنانية مستمرة وإلى شهور طويلة، فمن الشغور الرئاسي الذي جاوز السنتين إلى الاشتباك السياسي حول قانون جديد للانتخابات النيابية إلى مهزلة التمديد النيابي إلى الوضع الحكومي المتعثر والمربك دون إمكانية مناقشة أي قضية من المسائل الخلافية. 


وجدير بالقول ان الوضع المأساوي الذي يعيشه لبنان الناتج عن تعطيل معظم المؤسسات والدوائر هو من إفرازات إتفاق الدوحة الذي جاء في الأساس من خارج اتفاق الطائف والذي أرسى مفاهيم جديدة أدخلها في الحياة السياسية اللبنانية متل مقولة الثلث المعطل داخل مجلس الوزراء، كما أنه فرض واقع الاتفاق المسبق على اسم رئيس الجمهورية الجديد قبل إجراء عملية الانتخاب.

يضاف إلى ذلك التشريع لمنظومة من السلاح المتنوع بحوزة حزب الله خارج إطار المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية. وقرار إستخدامه خارج إطار القرار السياسي الرسمي، مما يعني ذلك من خضوع باقي المكونات السياسية والحزبية لمعادلة السلاح على طاولة الحوار وإقامة دويلة في كنف الدولة الشرعية. 


وهذا ما يسعى إليه حزب الله منذ سنوات، وذلك بافراغ النظام اللبناني من مضمونه، عبر ضرب النص الدستوري وتجاوزه في الكثير من الحالات، فمن وجود تنظيم عسكري مسلح غير شرعي على الأراضي اللبنانية، وسكوت معظم القوى السياسية عنه إلى الاستخفاف بسلطة الدولة في كافة الأجهزة وخصوصا الأجهزة الأمنية والقضائية والعسكرية والإدارية، إلى تغطية مجموعات خارجة على القانون حيث يسود منطق التسيب والفلتان، ويتفشى الفساد وتكثر الجرائم طالما ان هناك غياب للمحاسبة على كل الأفعال المخالفة للقوانين التي يرتكبها المحظيين بدعم قوى الأمر الواقع، على ان القوانين تطبق وتنفذ في حق البسطاء من عامة الناس.

 
والاستسلام لهذا الواقع يقودنا إلى القول أن أي بحث جدي في حل للأزمة اللبنانية قبل إطلاق سراح انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والإفراج عن مؤسسات الدولة لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة، والرئيس نبيه بري يعرف جيدا أين تكمن المشكلة وأين مكمن التعطيل، فالمشكلة ليست في نصوص الدستور ولا في القوانين وإنما هي نتاج طبيعي ومنطقي لوجود دويلة غير شرعية في ظل الدولة الشرعي..