أتعاطف مع الشاب السوري المنتحر في لبنان وأتفهم ظروفه، فليرحمه الله، لكن بنفس الوقت لدي رسالة إلى اللاجئين الذين يتذمرون من الحياة طوال الوقت ، كأن لا أحد غيرهم يعاني في هذا العالم .

 أنا كنت لاجىء أيضا في طفولتي، بقيت على الحدود بين دولتين لعدة ايام أنام بالسيارات، لا طعام ولا شراب ولا حمام ، تأخذني امي لإحدى السيارات تبحث لي عن بعض الأكل ..لكن استمرت الحياة ...

 في لبنان عشت حربين منذ طفولتي ، أتضايق الآن من صوت الطائرات وآخذ دواء عند ركوب الطائرة ، أكرهها بسبب صوت القصف وهديرالطائرات الاسرائيلية ، لكن استمرت الحياة ....

ذهبت ست مرات إلى إحدى الدول بحثا عن عمل، رغم تخرجي بتفوق ومن جامعة اميركية ، لكن لم اجد عملا... في احدى المرات إضطررت للبقاء طوال الليل في الحديقة العامة لأني لم أكن قادرا على دفع تكاليف الإيجار بينما كنت أبحث عن عمل ولوحدي في ذاك البلد .... لكن استمرت الحياة ...

 في نفس الفترة وبينما كنت هناك ، نشرت كتابي الأول بأعجوبة، ففتح ذلك لي بعض الأبواب المغلقة.. هنا في البلد الذي أسكن فيه ، لا أحد يصدق أني بقيت 7 أشهر من دون عمل بسبب مدير ورطني بعد قدومي، اسكن لوحدي ولا أقارب لدي، فدفعت كل ما كان لدي على الايجار وغيره، ولم أخبر أهلي إلا بعد مرور عدة اشهر ، ثم حصلت على وظيفة في آخر أسبوع من انتهاء المهلة....

 التحقت بوظيفة وبراتب مرتفع بالنسبة لكثيرين ، لكن لم أكن سعيدا بها ، فتركتها بملأ إرادتي منذ ستة اشهر ، من أجل حريتي ، كي أقوم بما أحب حصرا ، وطبعت الآن كتابي الثاني ولدي فيلم قصير قريبا ومن مشروع إلى مشروع إن شاء الله ...

هذه هي الحياة ، لا نولد سعيدين ، كل الناس تتعذب ، كلٌ على طريقته ، انت من تصنع السعادة لنفسك وللآخرين ، انت من تنشر البسمة عندما تكون مؤمنا بأن هذه اللحظات القاسية ستمر وأن الله يراك ويسمعك وسيستجيب في الوقت المناسب، وأن هناك لحظات جميلة ستأتي من بعدها ، وأن من خلقك لن ينساك... "ولا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا " ....

 لا تفقد الأمل ، لا تقسو على نفسك وعلى الآخرين باليأس والإحباط ، دع الأمور تمر ، موتك لن يغير الكون ، فقط ابتسامتك ونواياك وإرادتك هي التي ستغير الكون نحو الأفضل من أجلك ومن أجل كل الكائنات على الكوكب ، أنت موجود هنا من اجل رسالة محددة ، ربما لا تعرفها الآن ، ستعرفها لاحقاً ، قم بدورك على أكمل وجه ضمن الظروف المحيطة بك وانشر السعادة قدر الإمكان ، لا يوجد إنسان غير جدير بالحياة إذا كان قادرا على تخفيف عبأ الحياة عن إنسان آخر أو حتى عن حيوان .

هذه هي متعة الحياة الحقيقية ، هذا هو اختبارك الحقيقي هنا والآن.

 بقلم: يوسف