في بلد يعاني من أزمة النفايات وطرق الإستفادة منها ووسط مراوغة الحكومة اللبنانية وفساد الطبقة الحاكمة، جاء الإعلان عن فوز مشروع Landcare Med الذي يشرف عليه الدكتور تيسير حمية من الجامعة اللبنانية وهو عميد سابق لكلية الزراعة ومدير مختبر الأبحاث للمواد والبيئة والتحفيز والطرائق التحليلية في الجامعة والمختصر بكلمة MCEMA. والمشروع فاز بالمرتبة الأولى من بين 1700 مشروع قدمت من 170 دولة بالتشارك مع جامعة كالياري الإيطالية وكلية الهندسة التونسية وبلدية دوسيموبوتزو في سردينيا الإيطالية وبلديتي زبدين وحارة صيدا وشركة الجنوب للمقاولات في لبنان وبلدية مجاز الباب في تونس. فالمشروع مدعوم من الإتحاد الأوروبي ضمن برنامج ENPI CBC MED ومن خلال مكتب الجوار والشراكة الأوروبي.

 

فلسفة مشروع Landcare Med:

 

تتمحور فلسفة المشروع عن كيفية ليس التخلص من النفايات بل الإستفادة منها في مجالات الطاقة والمحافظة على البيئة وإعادة الإنتاج، ف (scope) المشروع هو تحويل التهديد البيئي للنفايات إلى فرصة للإستثمار والإنتاج وصنع بيئة نظيفة للإنسان.
ففلسفة المشروع كما ذكر في بيان لجنة تحكيم المشاريع ل 170 دولة
Energy Globe Award وهي اللجنة التي منحت الجامعة اللبنانية الجائزة تحدثت ( أي فلسفة المشروع) عن آلية وماهية المشروع تقوم على إدارة النفايات المنزلية والريفية الصلبة من المصدر بإعتبار المواطنين والمزارعين شركاء في عملية إدارة ومعالجة النفايات.

 

دور المواطن في المشروع:

 

المواطن سواء كان فلاحا أو صاحب أي مهنة هو الحلقة الأساس لأنه يشكل المصدر الأساسي لإنطلاق العملية. فالعملية قائمة على الربح المتبادل بين المواطن وأصحاب المشروع لتحقيق الأهداف المتوخاة، فمن دونهم لا معنى للمشروع. 
أضف أن المناطق المستهدفة ستشغل سكانها بطبيعة الحال ما يؤدي إلى تخفيض نسبة البطالة بين الشباب خصوصا، وهكذا مشروع سيحفز الكثير من أصحاب الخبرات والكفاءات للعمل فيه وإضافة قيم معنوية وفكرية له ما يحقق تنمية مستدامة للقرى والمزارع والمناطق الذي سيستهدفه وتطوير إضافي للمشروع بحد ذاته وتأهيل للكفاءات الشبابية.
وتبادل الخبرات أمر مهم للتطوير المستمر ل
Landcare Med خصوصا أنه لن يستهدف فقط لبنان بل دول أخرى ما يؤدي إلى تراكم خبرات إضافية ونوعية في إطار الإستفادة من النفايات المنزلية والصلبة وكيفية معالجتها.

 

تغيير رؤية المواطن للنفايات:

 

ومن أهداف Landcare Med هو المساهمة في رفع وعي المواطن خصوصا الريفي وخلق رؤية جديدة له بالتصرف مع النفايات بحيث لا ينظر إلى النفايات على أنها مخلفات فقط بل على أنها فرصة للإستثمار والربح. كذلك توعية المواطنين لضرورة المحافظة على البيئة التي تعاني في لبنان من مشاكل مصيرية كالتلوث البصري والمياه والأنهار وتراجع المساحة الحرشية في البلد وتلوث التربة.
فالمشروع يهدف كما قال الدكتور حمية إلى "  تغيير دور المزارعين والمواطنين من مصدر مولد للمشاكل إلى دور مسؤول مصمم ومخطط للحل".

 

تعزيز اللامركزية:

 

وهذا المشروع يخفف العبء عن الحكومة المركزية ويعزز من قدرات وفعالية أجهزة وإدارات الحكم المحلي كالبلديات والجمعيات المحلية المعنية بالأمر، فهو يطور من أداء هذه الإدارات والأجهزة ويجعلها تفكر بأسلوب إستراتيجي قائم على مبدأ الرؤية والهدف البعيد الأمد ويؤهلها لوضع خطط ويدربها لخلق إستراتيجيات ووضع أهداف وتحديد آليات مناسبة للتنفيذ وإستثمار جيد للموارد البشرية والمادية واللوجستية.
كذلك هناك دور للمدارس والأكاديميات لتربية جيل مساهم في هذه العملية وقام الفريق البحثي
MCEMA  على مدى سنتين بإجراء العديد من المحاضرات لإرشاد وتوجيه المواطنين والطلاب نحو تبني عملية الفرز من المصدر والإستفادة الكلية من ذلك، فينمو بذلك جيل واع يتبنى خطط علمية هادفة ويبتكر أخرى أكثر طموحا وإبداعا في سبيل الحفاظ على مجتمعه على أسس الإستدامة.

 

فائدة المشروع:

 

المشروع يطرح على الحكومة اللبنانية خطة جريئة وطموحة ومربحة أيضا تتمثل بإنشاء 6 مصانع في 6 مناطق موزعة على الشكل التالي:
إثنان في بيروت، وأربعة في الشمال والجنوب والبقاع وجبل لبنان وكل من هذه المصانع (
Biogas plant) سيقوم بمعالجة يومية لحوالي 1000 طن من النفايات الصلبة وينتج الغاز الحيوي التي تبلغ كلفته حوالي 50 مليون دولار وهو جاهز للإنتاج ويولد 65 مليون كيلوواط كهرباء سنويا  إضافة ل 25 مليون طن سنويا من الاسمدة و10 مليون طن يعاد تدويرها كليا ما يحقق ربح صافي بحوالي 10 مليون دولار أميركي.
أما الحكومة اللبنانية فستحقق أرباحا قيمتها ما يعادل 60 مليون دولار سنويا أو 1500 كلغ من الذهب وإذا ما قورن هذا الربح مع تكلفة المصانع الست والتي تقدر ب 300 مليون دولار أميركي فهذا يعني أن لبنان سيستطيع كحكومة أن يسترجع تكلفة المصانع الست خلال 5 سنوات ويحقق أرباحا مستدامة لاحقا.

 

مشروع واعد على كافة الصعد:

 

مشروع Landcare Med واعد وطموح ويفتح آفاق جديدة وهو حل مناسب ومربح لأزمة النفايات التي يعيشها لبنان، وعلى الحكومة اللبنانية أن تتحلى بالشفافية والصدق والجرأة لإستثمار هذا المشروع بإتجاه الإستدامة والربح الطويل الأمد والحفاظ على بيئة تؤمن الصحة والعافية للمواطن اللبناني. 
ولا بد من شكر الدكتور تيسير حمية وفريقه
MCEMA الذي قدم هكذا مشروع وإستطاع الفوز من بين 1700 مشروع من 170 دولة وفتح آفاق حلول جديدة للحكومة اللبنانية وأمل لمستقبل وطبيعة أفضل.