إذا كان من حق حزب الله أن يلقي بنفسه في التهلكة من خلال انقياده لسلطة السيد علي الخامنئي والإلتزام المطلق بتنفيذ أوامره تحت عنوان فتوى شرعية هي موضع اجتهاد بين مراجع الطائفة الشيعية هي ولاية الفقيه.  

لكن ليس من حقه ان يلقي بأبناء الطائفة الشيعية في لبنان في آتون حروب عبثية، لا ناقة لهم فيها  ولا جمل، على كافة الأراضي السورية دفاعا عن نظام بشار الأسد الذي انتفض عليه شعبه منذ ما يزيد على الخمس سنوات مطالبا بمساحة من الحرية تتيح له التعبير عن رأيه، وذلك بإصلاح نظام ديكتاتوري قابض على أنفاس الشعب السوري لما يقرب من النصف قرن.  

وليس من حق حزب الله أن يستخف بالعقل الشيعي المعارض لرأيه ولا أن يستهين بالدم الشيعي على مذبح نظام جائر قابع في سوريا إلى هذا المستوى من الخفة والاستهتار. 

فالذرائع التي أطلقها حزب الله كمبرر للأنزلاق في الحرب السورية كلها سقطت فلا هو يدافع عن تراب أرض الوطن ولا عن القرى الشيعية الحدودية ولا عن المقامات المقدسة في العاصمة دمشق وليست  هي حرب استباقية ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية. 

فهي حرب عبثية لا أفق واضح لها بعدما تحولت إلى حرب عالمية في سوريا ومشاركة حزب الله فيها ليس في سبيل هدف نبيل او قضية وطنية وليس أكثر من من خدمة مصالح خارجية تتعلق بأرادة إيران بالمحافظة على نظام بشار الأسد.  

فهذا هو سبب انخراط حزب الله في الحرب السورية وزجه لشباب لا يتجاوز أعمار البعض منهم السبعة عشر عاما يفتقدون إلى الحد الأدنى من التدريب والخبرة القتالية، مستغلا بساطتهم واندفاعهم المغامر وفقرهم لأرسالهم قوافل إلى سوريا ليعودوا أيضا قوافل ولكن محملين في نعوش الموت.

وأكدت المعلومات الميدانية سقوط أكثر من ثلاثين مقاتلا من حزب الله في الأيام القليلة الماضية في ريفي حلب الشمالي والجنوبي وانقطاع الاتصال باخرين. 

وإذا كان لحزب الله أسباب امتلاك منظومة عسكرية هائلة تضم مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة عمل على الحصول عليها تحت ذريعة قتال إسرائيل.

لكن لا يجوز بل لا يحق له ان يستغل هذا السلاح ويهدد باستخدامه لتعطيل مؤسسات الدولة ويمنع انتخاب رئيس للجمهورية وضرب هيبة الدولة ومصادرة القرار السياسي وتحويل البلد إلى رهينة في خدمة المشروع الإيراني الإقليمي. 

وإذا كان لحزب الله حرية المشاركة في الحكومة او المقاطعة والمطالبة بقانون انتخاب يتلائم وطموحاته وخوض الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية.

لكن ليس من حقه الاحتفاظ بمربعات أمنية يحمي فيها الخارجين على القانون والمطلوبين بجرائم متنوعة ويمنع على القوى الأمنية الدخول إليها لألقاء القبض على العابثين بأمن البلد وترك المواطنين عرضة لأخطار السلاح المتفلت الذي يحصد العديد منهم في كل مناسبة بسبب إطلاق الرصاص العشوائي دون الخوف من روادع أخلاقية او قانونية. 

وإذا كان لحزب الله القدرة على امتلاك كتلة نقدية كبيرة ومرد ذلك إلى الصفقات المشبوهة والتجارات المشروعة والغير مشروعة والممنوعات وتبييض الأموال إضافة إلى الدعم الإيراني الغير محدود.

لكن ليس من حقه النيل من القطاع المصرفي لأن ذلك يؤدي إلى عزل البلد دوليا وانهيار اقتصاده إذا ما تعرض هذا القطاع لأي هزة او إرباك. 

لقد آن لحزب الله ان يدرك أنه إذا اختار لنفسه العزلة عن محيطه وبيئته والعالم. لكنه لا يحق له وبالتالي ليس باستطاعته عزل الطائفة الشيعية عن باقي مكونات المجتمع اللبناني وعزل لبنان عن العالم...