ما بين استقالة وزير العدل أشرف ريفي، وعدم تجاوب وزير العمل سجعان قزي مع قرار حزبه بالإستقالة من الحكومة، قاسم مشترك، وإن تباينت الأسباب والدوافع، ولكنهما يبقيان طائرين مغردين خارج سربهما. الأول انسحب من تيار "المستقبل"، والثاني تمّ فصله من حزب الكتائب، وهما إنما توزّرا لأنهما ينتميان إلى هذا التيار وذاك الحزب، وإلاّ لما كانا دخلا نادي أصحاب المعالي، وهو لقب سيرافقهما طويلاً، إلاّ إذا بلغ طموح الآول حدّ استبدال "المعالي" بـ"الدولة"، والثاني قد يستهويه لقب "الفخامة"، وهو المنتمي إلى الطائفة التي منها يُختار صاحب الفخامة.

 

كلا الرجلين لم يكونا ليصلا إلى ما وصلا إليه لو لم يكونا ينتميان إلى مرجعيات زكتّهما لمنصب "المعالي"، ولكانا بقيا في الصفوف الخلفية، مع فارق في المكانة بينهما. فالأول خارج من حيثية أمنية أمنّت له استمرارية وجودية على الأرض الطرابلسية، وهو الذي بناها يوم كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. أما الثاني فهو صحافي لم يعد له من هذه المهنة إلاّ ما ارتبط به اسمه من مؤسسات تولى إدارتها.

فالوزير اشرف ريفي تنصّل من تيار "المستقبل"، وهو الذي صعد سلم الشهرة من خلال إنتمائه إليه، فيما لمع اسم سجعان قزي من خلال انتسابه إلى حزب الكتائب، وكان يوماً نائباً لرئيس الحزب ومستشاراً له (أمين الجميل).

وما بين الإثنين هذا القاسم المشترك حين أحسّا بأنهما أكبر ممن أوصلهما إلى حيث هما. فكان هذا العزف المنفرد على وتر "الأنا"، وكان ما يشبه التمرّد في ما اختاراه.

فلا اشرف (معالي الوزير المستقيل) ولا سجعان (معالي الوزير الرافض الإستقالة) قادران على تجاوز الخطوط الحمر المرسومة للتوازنات القائمة على الساحة السياسية، وإن كانا ينتميان إلى بيئتين مختلفتين، ظروفاً وحيثيات.

فالأول قدّم استقالته لتكون له استقلالية في الحركة الخارجة عن إطار ما يعتقده خروجاً عن ثوابته. والثاني رفض الإستقالة لأن لا حيثية له خارج اسوار الوزارة. وفي كلا الحالتين أوجه شبه

 

اندرية قصاص