تبدو صورة الممثل السوري غير مطابقة لواقعه وغير منسجمة مع الحرب الشرسة الدائرة في بلد يُدمر حجراً وبشراً فبدلاً من الوقوف وبمسؤولية أمام ما يحدث في سوريا نراه غير مبال بما يجري وكأن الوطن الذي تغنوا به كثيراً ما هو الاّ مجرّد هوية  غير كافية لقيامة مشاعر وطنية صادقة ونبيلة تفرض على الفنانين القيام بواجبهم في مرحلة تحتاجهم وتحتاج كل نخبة سورية لتحديد أدوارهم في بلد يدعوهم وباستمرار وإلحاح كيّ يكونوا روّاد مستقبله السياسي .

  هذا الابتعاد عن المسؤولية الوطنيّة دلّ بشكل واضح عن مستوى الفنانين السوريين المطابق لمسؤوليات كل القطاعات السورية الباحثة عن ذهب الحرب والاستفادة من النار المشتعلة واعتبارها أكثر التجارات الرابحة والمًدرة لأموال طائلة بنت طبقات مالية جديدة لشبكات سورية غير الطبقات التي كانت منتعشة من نظام الأسد .

  الفنانون السوريون استخدموا في البداية لصالح النظام والبعض منهم لصالح معارضة التغيير ومن ثمّ انتشروا على ظهر الأزمة السورية للاستفادة من حجم الأعمال المعروضة عليهم بحيث أنهم أسهموا داخل سورية في أعمال مكررة لكن وفق رغبات النظام والأمن الذي أدخل اللحية السورية عنوة الى باب الحارة مع الشويخ "سمعو " في مرحلة مبكرة من المواجهة المصطنعة مع المستعمر الفرنسي في اشارة الى دور هذه اللحية في التخريب والتوظيف لصالح الأجنبي كما أن كرّ سبحة المسلسلات المستهلكة من قبيل " دنيا " المصور بعدسة أمنية في زواريب الحرب الدائرة بما يخدم النظام وطوق البنات الذي يعيد انتاج أزمته مع عطر الشام والحساسيّات الوطنية المفرطة في اظهار تنوع الأديان وتعدد المكونات وخاصة ابراز العنصر المسيحي واليهودي كنسيج وطني حمته العلمانية السورية من خطر الاسلام السلفي .

  وأسهم الفنّانون في الخارج في أعمال الحب الذي يظهر المفاتن اللبنانية المتعطشة لجمال قصيّ وتيم ومن قبل  مع عابد فهد وآخرين " وسّمهم " المخرجون وصنع منهم زير نساء كما هو حال قصيّ في جريمة شغف الرمضاني .

  بات شهر رمضان سلعة أساسية للفنانين السورين يظهرون فيه قدراتهم الهائلة على تحصيل الأموال إمّا من خلال أعمال جريئة تعمل على إثارة الغرائز والمشاعر دون وجود لنصّ محبوك بطريقة معالجة لقضايا فعلية منتشرة وبقوّة في الوسط الاجتماعي العربي بحيث أن أغلبية النصوص والقصص التمثيلية مختصرة على المصاحبات الزوجية وهي تفتح أبواب الخيانة الزوجية على أوسعها لتسهم في تدمير المؤسسة الزوجية العربية المحافظة بعكس صورة مخربة لهذه المؤسسة حيث تفوح منها رائحة الخيانة تماماً كما تفوح روائح الخيانات المالية والأمنية والسياسية في مؤسسات الرأي .

  كما أن الأدوار التقليدية لمسلسلات الحارات الشامية على كثرتها ما هي الاّ تجارة مفتوحة على متطلبات الجهاز الأمني بحيث يتم تدويرها وإعادة إنتاجها بنفس الأحداث الموجهة ضدّ المستعمرين الفرنسي والتركي وتحميلهم مسؤوليات ما حصل ويحصل في سوريا من مؤامرات عليها وبالتالي ترتفع سقوف أجرة الممثلين بطريقة خيالية وجنونية لامثيل لها في سوريا بحيث أن أفضل ممثل سوري كان يتقاضى على عمل ما مبلغاً لا يُسعده ولا يجعله من أثرياء حلب والشام ومجرد موظف فني براتب محدود أمّا أجور اليوم فقد جعلت ممثلين السوريين فوق بساط سُليمان وهم يعيشون بنعم ونعيم ولا في أحلام هوليوود .