تمهيد: الاعتذار..

على ما قال كبيرُ قومٍ يوماً ما: لو كنتُ أعلم لما كتبتُ حرفا واحدا في المقالة التي نُشرت على موقع "لبنان الجديد" تحت عنوان: السيد الأمين يبطل فتوى السيد فضل الله ، حول إثبات هلال شهر رمضان، ذلك أنّ سيلاً من الشتائم والبذاءات والسفالات والتفاهات، إلى ما لا حصر له من هذه النعوت، وُجّهت إلى مقام السيد علي الأمين، ومعظمها سياسية من جُهّال وتافهين ومُغرضين وشتّامين لا علاقة لهم  بالعلم، ولا الدين، ولا الأخلاق، جُهّال لم يقرأوا ما كُتب، حتى العنوان لم يفقهوا معناه، وإنّي أبرأ من هذه الترهات والشتائم، وكنت أحسب أنّنا نكتب بهدف رُقيّ الوعي وسُموّ الدين ورفعة الأخلاق.

صحيح أنّ معظم من قرأوا يستحقون الثناء والحمد، ولهم الفضل والأجر، إلاّ أنّ ما يعنيني هنا، هي التعليقات التي طالت هيبة عالم دين إسلامي وكرامته، ولا يعنيني مذهبه، ولعلّه أبرز عالم بأصول الفقه في زماننا هذا، عنيتُ به السيد علي الأمين، الذي كان رفيق درب، ورفيق عقيدة للسيد فضل الله، رحمه الله.

أولاً: اللهم لا شماتة..

لو كنت ممّن يحب الشماتة، لأبديتُها للسيد الراحل، والسيد الحي، أطال الله عمره، فها هي أمتكم التي لقّنتموها مقدمات الفكر الأصولي المتطرف، افنيتم عمراً في التدريس والوعظ والإرشاد، فخرجت هذه الأجيال من مدارس الظلامية والتعصب والجهل، لترميكم بأقذع الأوصاف، لم تراع ديناً ولا ذمّة، ولا أدباً، ولا خُلقاً، تعليقات وأحكام يندى لها الجبين خجلاً، هذه الأمة بحاجة إلى أجيال جديدة كي تطهر من هذا الدنس والخزي، حتى لا نقول الكفر والبهتان.

ثانياً: ثقافة السبّ واللّعن..

والآن، بكل روية وهدوء ، وتنزّه وتجرد، السيد علي الأمين له مكانتهُ العلمية والفقهية، وقد شرحها بوضوح، ولم يتعرّض من قريب أو بعيد لشخص السيد الراحل، ولا لعلمه ومكانته وهيبته، السيد الأمين عالم أصولي لا يلتفت إلاّ للنصوص الشرعية، وفي رأيه ومعتقده، أن لا علاقة لعلم الفلك باستنباط الأحكام الشرعية، وهذا حكم الدين المحافظ والأصولي، أمّا اجتهاد السيد فضل الله، فهو خطوة جريئة في التجديد الفقهي ،والذي نحن بأمسّ الحاجة إليه، وقد ناصرتُ السيد فضل الله منذ أكثر من عشرين عاما، وجددت ذلك في مقالة نشرت في هذا الموقع من أيام معدودة، أردناها مناقشة علمية وراقية، وأرادها البعض حفلة سبّولعن، تلعنون من لعن علياً بن أبي طالب على المنابر، وتُبيحون لأنفسكم السّب واللعن، وتشيعون الحقد والضغائن، وأنتم في شهر الرحمة والتوبة، الذي يزعُ أولّ ما يزع إظهار المثالب وما شابهها.