كلّ تصريحات السيد حسن نصر الله السابقة أنّ العقوبات لن تؤثر على حزب الله لم تنعكس مع بدء تطبيق قانون العقوبات الأميركية والذي تزامن مع تصعيد خطابي ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

ليس سرّاً أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لديه طموح أن يكون رئيساً للجمهورية اللبنانية. ويظلّ اسمه، كما قائد الجيش، من الأسماء التي يجري تداولها حين الحديث عن الرئاسة الأولى ومن يتولاها. ورياض سلامة، الذي يدير لعبة المحاصصة بميزان الذهب بين القوى السياسية، يحفظ لحزب الله حصته كاملة ومن دون منّة سواء في وظائف البنك المركزي أو في غيرها من القضايا المصرفية التي يحتاج فيها حزب الله لإيعاز من الحاكم بدعم هذا من هنا او هناك. هذه ليست خصوصية العلاقة بين الحاكم وحزب الله، هذه مدرسة المحاصصة مع مختلف القوى التي يعتمدها سلامة مع كل من يستطيع أن يسمح أو يمنع وصوله إلى الرئاسة الأولى.

بكل الأحوال الجميع يثني على دور رياض سلامة على مستوى حماية الاستقرار المالي. وهذه الإشادة ليس مصدرها حسابات سياسية بقدر ما هي تعبير عن غياب سياسات نهوض، والإتكاء على قدرات سلامة لاستخدام الودائع في حماية الاستقرار المالي ومنع انهيار العملة اللبنانية.

أخيراً رياض سلامة صار في موقع المتهم من قبل حزب الله، أو على الأقل بدأ يتلقى رسائل تحذير، ويمكن يتلقى رسالة تهديد. لكن المحذر والمهدد يعلم أنّ القمصان السود أو سبابة السيد لا تنفع كثيرا في هذه الوضعية. ربما نفعت مع النائب وليد جنبلاط فانقلب على 14 آذار وذهب صاغراً الى حضرة السيد وفيق صفا، عفوا السيد نصرالله. لكن هنا لا تنفع.

 

اللعبة هنا مالية بامتياز. حزب الله لم يعد مجموعة من المقاتلين أو مجموعات انتحارية، بل غرق في المال ودخل في مشاريع وأغرته الاستثمارات. وجذب إليه مئات المتمولين من شيعة وغير شيعة. وكان بوابتهم إلى نوري المالكي في العراق وإلى أفريقيا وغيرها من الدول. قال السيد نصرالله قبل أشهر أنّ العقوبات لن تؤثر على حزب الله لأن لا أموال لديه في البنوك. ردود الفعل على الإجراءات المالية تظهر أنّ هذه العقوبات مؤذية. حيث أنّ الصرخة تصدر من حزب الله. لم نسمع جلبة في مكان آخر. لم نسمع من حلفاء حزب الله أنّهم متأثرون بهذه العقوبات. علماً أنّ مقتضى “الوفاء”، الذي اكتسح في الانتخابات البلدية، أن يعبر عنه بمثل الاعتصام أمام السفارة الاميركية في عوكر، على سبيل المثال لا الحصر. لأنّه في معيار وميزان كتلة حزب الله النيابية، ضمن بيانها الأخير، أنّ هذه العقوبات تستهدف المقاومة.

معركة حزب الله مع المصارف وكيفية تطبيقها العقوبات الأميركية معركة فاشلة من البداية. ليست المصارف الطرف المستعد للخسارة كرمى لحزب الله. وطرفة أنّ حزب الله يهدد المصارف بسحب كتلة مالية لرجال أعمال شيعة موجودة في البنوك، وهم رهن اشارة السيد حسن نصرالله، هي نكتة طريفة، لكن لا تنطلي على احد.

 هل أثرت العقوبات المالية الأميركية على حزب الله؟

بالتأكيد ليس نصرالله وراء هذه الطرفة. فهو الذي يعلم أكثر من غيره أنّ ما من رجل مال اقترب من حزب الله، أو معظمهم على الأقل، إلاّ لأنّ اقترابه كان سبيلاً لزيادة أمواله. إمّا أن يستجيب أصحاب المال لما يمكن أن يهدد بعض مالهم، فهذا ما لن يحصل أبداً. فكل أصحاب الأموال صاروا اليوم يخافون من إعلان صلتهم بحزب الله بعدما صارت مكلفة.
حزب الله يعرف أنّه يصارح طواحين الهواء. لا سبيل للربح. وسخرية جمهوره من أزمة الرئيس سعد الحريريالمالية ستنقلب عليه خلال أسابيع قليلة. فالحزب وبيئته، الشيعية وغير الشيعية، ستبدأ في التململ العلني. لن يستطيع حزب الله ان يواجه النظام المالي العالمي. وهذه واحدة من هزائم كثيرة آتية، لمن ظنّ أنّه باستطاعته التغلب على الكوكب كله.

 

 

علي الامين: جنوبية