يتساءل المراقبون عن مدى صمود التحالف بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، والذي أنجِزَ بعد كرٍّ وفرّ في الانتخابات البلدية في طرابلس، وهل سينسحب مستقبلاً على الانتخابات النيابية، في حال حصولها، أو أنّ الحسابات والتكتيكات ستتغيّر؟على رغم رهان بعض مناصري الحريري وميقاتي على استحالة حصول التحالف بينهما، إلّا أنّ التفاهم قد حصل بلديّاً، لكنّ المواطن لم يتمكّن من قراءته سوى من خلال نتائج صناديق الاقتراع.

 

وفيما يبدو أنّ الاتفاق بين القطبَين البارزين ما زال قائماً وصامداً، أقلّه حتى الساعة، يرى البعض أنّ التداعيات التي ترَكتها نتائج انتخابات طرابلس أنهت تحالف الحريري - ميقاتي في مهدِه، في وقتٍ يسأل مناصرو الطرفين عن جدوى استمراره ووفقَ أيّ قواعد، وماذا عن خيارات الحريري وميقاتي مستقبلاً؟

على أرض الواقع، لاحَظ المراقبون أنّ الخطاب الأخير للحريري لم يشِر إلى هذا التحالف بسوء أو بنَدم، فالحريري لم يتباهَ بالتحالف، وفي الوقت عينه لم يُبدِ أسفَه عليه أو على خطوات كبيرة مشابهة أقدمَ عليها، بل بدا متمسّكاً بخياراته، وأظهرَ جرأة في تحمّل تبعات مسؤولية أيّ قرار اتّخَذه في الماضي في سبيل نصرةِ التوافق والاعتدال. لكنَّ هذا الأمر لا يَمنع أن يسأل البعض عن طبيعة الاصطفافات بعد النكسة الطرابلسية الأخيرة بين أقطاب "طبخة التوافق"؟

في هذا السياق، تلفتُ مصادر قريبة من ميقاتي إلى أنّ الاتفاق البلدي شيء والتحالف السياسي شيء آخر، فالتحالف البلدي لم يمُت، بدليل أنّ المواطن لم يَسمع أيّ كلام صادر عن الطرفين يتراشقان فيه التهَم أو حتى تعليقات علنية تمسّ بالجهتين، كما حصَل مع بقية الأطراف.

وهذا يدلّ، حسب المصادر نفسها، على أنّ "الاتفاق الذي حصَل بين الرَجلين في المصيطبة ما زال قائماً". وتضيف: "أمّا بالنسبة إلى الاصطفافات، فلا يمكن أن تُحدّد منذ الآن بسبب مواضيع جريئة عدة تطرَح على الساحة، وقد تتشابك في جلسة الحوار، ومِن أبرزها قانون الانتخاب، لذلك لا يمكن لميقاتي تحديد تحالفاته واصطفافاته من اليوم، خصوصاً بالنسبة إلى الانتخابات النيابية قبل معرفة القانون، لكنّ ذلك لا يعني قطعَ العلاقة".

وتوضِح المصادر لـ"الجمهورية"، أنّ التسمية التي أطلِقت على التحالف الأخير كانت "التفاهم البلدي" والتفاهم لا يعني بالضرورة تحالفاً». وتلفت الى أنّ "التفاهمات عادةً تكون قابلة للتطوير أو قد تبقى على ما هي عليه، لكنّ أيّ تحالف انتخابيّ ليس مطروحاً حتى الآن، فقانون الانتخاب غيرُ واضح، ويجب إعادة قياس موازين القوى".

وتشير إلى أنّ "قوّةَ الأخير كانت واضحة وضاربة سياسياً وتجييرياً على رغم أنّه لم يَستعمل كلّ قوّته لأنّه اعتبر أنّ مسؤوليته ومسؤولية سواه متقاربة، وهذا ليس انتقاصاً من الغير ولكنّه إقرار بالواقع، بهدفِ عدم التعرّض لتجربة مماثلة"، مؤكّدةً أنّ "أبرز ما يميّز هذا التفاهم، أنّ القطبَين اتّفَقا على أنّ لكلّ منهما كيانَه السياسي الذي يُكمّل الآخر، وأنّهما يلتقيان في القضايا الوطنية والاعتدال".

من جهتها، تؤكّد مصادر تيار "المستقبل" لـ "الجمهورية"، أنّ "الاتفاق يقوم في الأساس على وقفِ الحملات المتبادلة، وهذا الأمر كان مطلوباً بصرفِ النظر إذا تحالَفنا مع ميقاتي في الانتخابات البلدية أم لا".

وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية المقبلة، تشير المصادر إلى أنّ الحديث "سابقٌ لأوانه، فالتفاهم بين الحريري وميقاتي لم وبالطبع لا يحدّ من طموح ميقاتي بالعودة إلى رئاسة الحكومة، وهذا الأمر لن يحصل مع الميقاتي إلّا من خلال تحالفات خارج إطار الحريري".

وفي هذا الإطار، تقول المصادر لـ "الجمهورية"، إنّ "أهمَّ شيء نتيجة اتفاق البلدية هو وقفُ الحملات المضادة وإمكان بناء تفاهمات في المستقبل على بعض القضايا السياسية. أمّا القول إنّنا أصبحنا حلفاء وإنّ حلفَ الحريري - ميقاتي سيَدوم، فالأمر يحتاج إلى متابعة ومواكبة في الأشهر المقبلة، ويتوقّف على طريقة تعاطيهما بعضهما مع بعض وكيف سيقاربان القضايا المستجدّة".

أمّا في قراءة "المستقبل" لنتائج البلدية، فتشدّد المصادر على أنّهم لا يُحمّلون المسؤولية لميقاتي، على رغم أنّه أخَذ المعركة ببرودة شديدة وعلى عاتقه، بل إنّ مسؤولية الفشل يتحمّلها الجميع، لكنّ "المستقبل" يتحمّل الجزءَ الأكبر، على اعتبار أنّه القوّة الأكثر انتشاراً على كلّ الأراضي اللبنانية"، مشيرةً إلى أنّ "التحالف حاليّاً مع ميقاتي سيكون وفقَ قاعدة "فضّ اشتباك" في انتظار قانون الانتخاب ومواضيع سياسية أخرى".

(مرلين وهبة ـ الجمهورية