في زيارة هي الثالثة منذ خريف العام 2015، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين أمس الثلاثاء، في خطوة طرحت الكثير من التساؤلات التي ركزت بمعظمها على سبب هذا التقارب "المفاجئ".  

  تناولت مجلة "نيوزويك" الأميركية هذه المسألة في تقرير لها، مشيرةً إلى أنّ "موسكو وتل أبيب لم يتواصلا مع بعضهما البعض بشكل مباشر إلاّ منذ 25 سنة خلت.

ففي الماضي، رأى الاتحاد السوفياتي إسرائيل بلداً مدعوماً أميركياً، واعتبر أنّ الأمم المتحدة ساوت بين الصهيونية والعنصرية في العام 1975، في المقابل، رأت إسرائيل موسكو داعمة لأعدائها الإقليميين مثل سوريا ومصر".

  أما راهناً فتبدّلت الأحوال. ففيما اعتبرت صحيفة "هآرتس" أنّه "لم يسبق للعلاقات الإسرائيلية - الروسية أن كانت بحال أفضل"، عشية اللقاء بين الرئيسين، عددت "نيوزويك" 6 أسباب رأت أنّها تشكل دافعاً للتقارب بينهما، لافتة إلى أنّ مناسبات عديدة ستجمع بينهما في المستقبل.   وهذه الأسباب هي:

  1. بوتين ونتنياهو يريدان تجنب الصدام في سوريا: مع تدخل روسيا في الحرب السورية بشكل مباشر في نهاية أيلول الفائت، تسعى إسرائيل التي تحتل الجولان السوري منذ العام 1967 إلى تعزيز التعاون معها، لاسيّما بعدما تبيّن أنّ إسقاط طائرة السوخوي فوق الأراضي التركية في تشرين الثاني من العام الفائت، نتج عن سوء التواصل بينهما.

  2. نتنياهو يأمل مساعدة روسيا في التفاوض مع إيران: فيما يعارض نتنياهو الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه بين طهران والقوى الكبرى، لاسيمّا الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت تل أبيب تعتبرها ضامنة لأمنها في المنطقة، يزوّد بوتين إيران بالأسلحة. هنا، يسعى نتنياهو إلى استغلال تقربه السياسي من بوتين، للحؤول دون حصول العناصر المسلحة المدعومة إيرانياً، لاسيّما "حزب الله" على أسلحة جديدة ومتطورة.

  3. بوتين يحتاج إلى دعم في سوريا: ساهمت مشاركة روسيا قي الحرب السورية في تعزيز موقعها في المنطقة، وفي حال كانت موسكو ترغب في الحفاظ على وجودها في الشرق الأوسط طويل الأمد عبر سوريا، تُعتبر إسرائيل حليفاً استراتيجياً لها.

  4. نتنياهو يريد إبقاء الجولان السوري تحت سيطرته: نظراً إلى أنّ روسيا، التي تتقرّب منها إسرائيل، حليفة قوية للحكومة السورية، يأمل نتنياهو في أن يؤثر ذلك في مسعاه إلى التوصل إلى اعتراف دولي بسيطرة إسرائيل على الجولان، في حال طلب ذلك.  

5. بوتين يقدر على التأثير في هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: بما أنّ روسيا فشلت في جذب شركاء إقليمين لها في الشرق الأوسط مثل تركيا والمملكة العربية السعودية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من شأن شراكة مع إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، أن تزيد من مصداقيتها، كقوة ديبلوماسية، على حساب الأخيرة.  

6. نتنياهو يسعى إلى حشد الأصوات الناخبة الداعمة لروسيا: تضم في إسرائيل ثالث أكبر عدد سكان ناطقين باللغة الروسية في العالم، خارج الاتحاد السوفياتي السابق، وبما أنّ بوتين حاول الترويج لنفسه باعتباره صديقاً للمجمتع اليهودي الروسي، من شأن ذلك أن يساعد الحكومة الإسرائيلية الحالية على الفوز في الانتخابات المقبلة.

  من جهتها، رأت صحيفة "هآرتس" أنّ التقارب بين بوتين ونتيياهو الذي تصفه بعض الأوساط الإعلامية بـ"الرومانسية"، أصبح ضرورياً بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا، مشيرةً إلى أنّ العلاقة بين البلدين تتحسن منذ العام 2009، ومتحدثة عن حجم التبادلات التجارية والحركة السياحية والتعاون الأمني والديبلوماسي الذي بلع أوجه بينهما.

في السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله: "أصبحنا نحن والروس جيراناً، بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

  وفيما أشارت الصحيفة إلى أنّ السياسة التي انتهجها نتنياهو في ما يتعلّق بالحرب السورية، خدمت مصالح إسرائيل الأمنية وأبقت جبهتها الشمالية هادئة نسبياً، رأت أنّ روسيا مازالت تعمل ضدها، متحدثة عن تزويدها إيران بالأسلحة وتصويتها لصالح فلسطين في الأشهر الـ9 الماضية في مجالس الأمم المتحدة.  

أمّا على المستوى الاقتصادي، فيتوقع للتقارب بين روسيا وإسرائيل أن يكون شوكة في خاصرة الولايات المتحدة، إذ أنّ واشنطن والاتحاد الأوروبي مازالا يفرضان عقوبات على موسكو، جراء ضم القرم إليها ودعمها للقوى الانفصالية في شرق أوكرانيا، وبالتالي سيكون اقتصاد روسيا المستفيد الأكبر من التقارب بين الرئيسين، في حال تم الإعلان عن تعاون في هذا المجال بينها وبين إسرائيل.

  هآرتس