تمهيد:

منذ أن بدأت موجة النازحين السوريين تغزو لبنان في ربيع العام 2011، غابت الدولة اللبنانية أو ربما إستقالت من مهماتها في مواجهة الأعباء والإنعكاسات الإقتصادية والأمنية والسياسية التي نجمت وما زالت نتيجة هذا النزوح وذلك تحت حجة وذريعة النأي بالنفس.

ومنذ ذلك الوقت والتاريخ يعيد نفسه مرة جديدة في لعبة التوطين في بلد لم يعد في الأصل يتسع لأبنائه، فكيف يمكن أن يستقبل اليوم أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري تقريبًا على أرضه أكثر من نصفهم عبروا الحدود يوم كانت الدولة مشغولة بجمع التبرعات وتوزيعها بالتراضي.

مساوئ التوطين واللجوء السوري في لبنان:

قبل اللجوء السوري إلى لبنان كانت نسبة البطالة معقولة مقارنة بالنسب العالمية وكانت سوق العمل قادرة على استيعاب جزء من اليد العاملة اللبنانية، إلى حين بداية النزوح السوري إلى لبنان عام 2011 وما بعد، فقفزت نسبة البطالة من 10.3% بنسبة تصاعدية وصلت حالياً على نسبة 25% نتيجة السياسة التي إتبعتها وزارة العمل، والقائمة على الحد من إعطاء إجازات العمل للسوريين في غير القطاعات التي يعملون فيها تاريخياً وبفضل نهج مكافحة مزاحمة اليد العاملة اللبنانية.

وهذا ما يضعنا في أزمة حقيقية في البلد بالنسبة إلى سوق العمل، ما يؤدي إلى الهجرة وزيادة البطالة، وأزمة إجتماعية حقيقية أيضًا، يضع المسؤولية على القوى الأمنية لتقوم بدورها في مكافحة النزوح العشوائي وتوقيف المخالفين وقفل المؤسسات المخالفة.

أما مالياً وإقتصادياً، فبين عامي 2011 و2013 كانت خسائر لبنان نتيجة الازمة السورية نحو 4.7 مليارات دولار، أما اليوم فتبلغ نحو 14 ملياراً، ولا تتسى أن اللجوء السوري في وطننا يهدد الإستقرار الوطني ووحدة الكيان اللبناني.

أجراس الخطر كلها تقرع أبواب الدولة اللبنانية:

 فلبنان لم يعد قادراً على تحمل أعباء اللاجئين السوريين وهو الذي ما زال يعيش أزمة اللاجئين الفلسطينيين، ولذلك على الدولة اللبنانية أن تدرس خيار الترحيل بدلًا من إستقبال أعداد إضافية إلا أن ذلك يتطلب موقفاً موحداً من مجلس الوزراء مجتمعاً، وعلى الرغم من إستبعاد الحكومة حصول التوطين واعتباره من سابع المستحيلات، يؤكد البعض أن التوطين أصبح شبه واقع في ظل وجود أكثر من مليون لاجئ من سوريا في لبنان.

وعليه.. لا تزال تداعيات تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تتفاعل على الرغم من تبرير الأمر بأن بان كان يقصد دولاً غير لبنان، ولكن القلق اللبناني من هذا الملف مستمر، والبحث الجدي انطلق بين أركان السلطة في الكواليس لإعداد مواجهة شاملة لهذا الملف الذي يشكل بالنسبة للبنان خطًا أكثر من أحمر.

الحلول المعالجة لملف التوطين في لبنان: 

قانون التوطين يعتبر ﻭﺍﺣﺪاً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﻣﻔﻮﺿﻴﺔ ﺍلأﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ للاﺟﺌﻴﻦ UNHCR إﻳﺠﺎﺩﻫﺎ للاﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﻢ، ولإبعاد فكرة التوطين في لبنان يجب إقفال الحدود أمام اللاجئين على ألا يسمح للذين يزورون سوريا بالعودة، عدم إعطاء بطاقات إقامة في لبنان طويلة الامد، الحد من إجازات العمل، البحث عن نقل عدد كبير من اللاجئين الى دول أخرى، وأخيرًا تأليف وفد سياسي لطرح مشروع رفض التوطين.