يطل علينا شهر رمضان هذا العام مجددا، ولا تزال نار الفتنة الشامية تزداد اتقادا بعد خمس سنوات من اشتعالها !

    فقد سبق وكتبت رسالة خاطبت بها إخوتي من الشعب السوري الشقيق العزيز المسلم، وتحدثت فيها عن رؤيتي لما يجري في سوريا وسبب تدخل بعض شيعة لبنان في القتال هناك .

    إلا أنني لمست سوء فهم لرسالتي تلك من قبل بعض الإخوة السوريين الذين أتفهم غضبهم . ولكن ...!

    يهمني أن أتكلم مجددا معكم بحكم تجربتنا في الحرب الأهلية اللبنانية وما جرى فيها . وأخاطب نفسي وأخاطبكم، وأقول لكم :

    من الواضح أن الحروب عادة ما ينشئ فيها تجار لا هم لهم سوى استمرار القتال والدمار والمعاناة الناتجة عنه أكثر مدة ممكنة، كي يعود هؤلاء التجار ويحصدوا من خلال الاستثمارات في إعادة إعمار ما تم تدميره، فيحصدوا ما زرعوه أولا من دمار في فترة الحرب، فتكون تجارتهم مزدوجة الأرباح !!

    وبما أننا نعيش في زمن ما عاد فيه للإنسان أية قيمة سوى ما يملكه من مال وجاه، فإن فتنة الشام المشتعلة منذ ما يزيد على خمس سنوات، كانت أظهر مصداق للقيم الرديئة لأهل هذا الزمن الرديء .

    لقد تكاتف مشركوا الشرق والغرب مع عملائهم من داخل الأمتين العربية والإسلامية ليجددوا فتنهم التي كانت آخر جولاتها قبل سبعين سنة، عندما تم تقسيم بلاد الشام وتركيب أنظمة عميلة على الدول التي أنشؤوها في منطقتنا الشامية . وكان دور تلك الأنظمة أن تكون جدارا صلبا في وجه كل من يريد أعادة توحيد المسلمين وجيوشهم التي لاااا شك -في حال توحدها- ستغزو بلاد أولئك المشركين في شرق الأرض وغربها ﻷطفاء فتنهم المتتالية علينا، بعد أن تدمر صنيعتهم المسماة "إسرائيل" التي كان إنشاؤها هو ختام المشروع الخبيث لتقسيم بلاد الشام الطيبة في ذلك الوقت .

    حيث بدأت فتنة الشام بالظهور -من خلال تقسيمنا يومها- قبيل زرع هذه الجرثومة اليهودية في جسمنا، والتي لم تدعنا نرتاح منذ ذلك التاريخ ولو يوما واحدا . حيث كان أول من اعترف بها الشرق المشرك المتمثل بالاتحاد السوفياتي الذي عاد وأرسل لنا عقائده الدموية التي تمثلت "بالشيوعية الدينية" مغلفة بالشيوعية السياسة التي تدعو للمساواة بين أبناء المجتمع ومواساة فقرائه . ثم عاد اليوم "زاعما" أنه جاء ليدافع عنا في وجه الإرهاب . وما زعمه هذا -لو أحسنا الظن به- إلا كلمة حق يراد بها باطل !

    ثم أنشأت بعد ذلك على ضفاف هذه الفكرة "الدينية الشيوعية" أحزاب البعثية والقومية التي لم تقل سوءا تجاه مجتمعنا الطيب عن الشيوعية الدينية أو اليهودية أو الفكر الصليبي الغربي الدموي الذي ارتكب فظائع مهولة فترة استعماره لبلادنا . وهذه الجهات جميعها كانت ولا تزال تقتل الأبرياء من المسلمين وتلقيهم في الفلوات لتأكلهم وحوشها !!

    فيما كانت المؤامرة القادمة من بلاد الغرب تفعل بنا فعلها من خلال اليد اليهودية في فلسطين، ومن فلسطين باتجاه محيطها العربي المسلم .

    وبعد تصدي أبناء الفكر الإسلامي والعربي المعتدل لهذه الأطروحات والسياسات الشرقية والغربية الخبيثة، وتمسكهم بدينهم الطيب الوحدوي المعتدل، كان لا بد لأولئك المشركين المفسدين الشرقيين والغربيين، من أن يضربوا هذا الفكر الإسلامي المواجه لهم ويدمروه عن طريق مكائد خبيثة يتفقون عليها فيما بينهم، ويظهرون لنا أنهم حماة حمانا !!

   فكانت خططهم هذه تقوم "خفية" على دعم مطلق لجهات تطرح أفكارا "إسلامية" تقوم على مبدأ تكفير كل من لا يؤمن "بشخص" أمير هذه الجماعات التي تقتل كل مخالف لها ولو بأدنى فكرة، ولو كان أكثر تدينا وعبادة منهم !!

    ولكي يكتمل مكرهم هذا، كان لا بد من وجود طرف يعتمد الفكر "الإسلامي" أيضا ليقوم ليقوم بمواجهة هؤلاء "التكفيريين الإسلاميين" وقتالهم، ليتم إظهار الإسلام بكل أطروحاته وأطرافه أنه دين جر على أتباعه القتل الذريع والدمار العظيم والتشريد في كل اتجاه . حتى باتت دول الشرك والمكر التي هي من خططت وأثارت هذه الفتنة العمياء، هي الملاذ الآمن للمسلمين الهاربين من بأس "الإسلاميين" المتناحرين، الذين ينادي كل منهم وهو يقتل أخاه : الله أكبر !!

    وقد سخر هؤلاء المفسدون المشركون في هذه الفتنة كل وسائل التحريض بين المسلمين . فتحركت ألسنة المفتين المفتنين لتحرض الأخ على قتل أخيه بأعلى أصواتها عبر الإعلام الخبيث، نابشة كل الخلافات التاريخية المذهبية المختلفة وبأبشع صورها . حتى جرى ما جرى وبات العرب والمسلمون بكل مذاهبهم صيدا ثمينا يتقاسمه الأعداء من جديد، فيقسمونا مجددا إلى أجزاء متناحرة متباغضة كما فعلوا أولا، مع فارق كبير، وهو انهم قسمونا أولا بعدما قتلونا بأيديهم، بينما اليوم يقسمونا بأيديهم بعدما قتلونا بأيدينا !!

  ياااا شعبنا الطيب في بلاد الشام؛ إنها الفتنة الكبرى بعينها . لقد قتل محمد أخاه عبد الله وقتل عبد الرحمان أحمدا، وقتل أوباما وبوتين الكل !!

    فماذا حققنا في كل هذه الحرب الفتنة سوى أرض، بدل أن تزرع ورودا ورياحين، زرعت مئااااات آلاف القبور ؟!

  هل حققنا غير ارتفاع أصوات نفس المسلمين التي قد بدأت تدعوا على الإسلام السعيد نفسه بالويل والثبور وتطلب إزاحته عن ساحة الحياة الإنسانية، وهذا هو الغرض الأساسي من فتنة مشركي الشرق والغرب المفسدين ؟!

  هل حققنا سوى أحقاد وكراهية سيطول اشتعال نارها في قلوبنا على بعضنا لدهر لا يعلمه إلا الله تعالى ؟!

    هل حققنا سوى الفرحة لمجرمي الشرق والغرب المفسدين ويهودهم الذين زرعوهم في جسدنا الشامي والعربي . بينما كان واجبنا جميعا أن نجعل هؤلاء الشياطين يبكون بدل الدموع دما على ما اقترفوه بحقنا في العقود الماضية ؟!!

    ياااا أمة التوحيد في شامنا الطيبة؛ إن ما يجري هو رجس من عمل شياطين الإنس بوحي من شياطين الجن !

  وكيف لا يكون الأمر كذلك، ويهود تل أبيب يتفرجون على أكوام جثث شباب الإسلام وقد قتلوا بعضهم تحت شعارات الإسلام نفسه !!

    وكأني بهؤلاء اليهود وأعوانهم من مشركي الشرق والغرب يتخيلون أن هذه الجثث ما زالت أرواحها تسكنها وهي تقاتل في شوارع تل أبيب وموسكو وباريس ولندن وواشنطن . أي رعب يصيب هؤلاء عندما يتخيلون هذا . أي رعب ؟!!

    من جديد أنادي؛ ياااا أمة التوحيد في الشام استيقظي، فمكر الأعداء كبير، والآتي أعظم وأدهى وأمر، وعرش الرحمان يهتز منذ خمس سنوات لمآسينا، وملائكة السماء غضبى، وصالحوا الأرض قد اشتعل رأسهم شيبا مما يرونه من فعل المسلمين بأنفسهم !!

  يااا امة التوحيد؛ حربنا ومعركتنا ليست في حلب وحمص ودير الزور ودمشق وبيروت . معركتنا جميعا في قلب تل أبيب والقدس وعواصم دول المكر الشرقي والغربي .

    مااالكم كيف تحكمون ؟!!!

    والأمر إلى الله وإليه المشتكى





الشيخ عباس حطيط